الشاعرة السعودية ثريا قابل: ما قصة ديوانها الشهير؟
ثريا قابل، شاعرة سعودية تعتبر واحدة من أبرز الأسماء الأدبية في الساحة الشعرية السعودية والعربية على حد سواء. ولدت في مكة المكرمة في فترة تميزت بتطور الفكر والثقافة في المملكة العربية السعودية، حيث نشأت في بيئة تأثرت فيها بالنزعة الأدبية التي كانت سائدة في تلك الفترة. هي إحدى الشخصيات التي تمكنت من تحقيق حضور قوي في الأدب السعودي والعربي من خلال أعمالها التي امتازت بالعمق، والجمال اللغوي، والرمزية التي تحملها.
من بين أعمالها البارزة يأتي ديوانها الشهير “عندما نحب”، الذي ترك بصمة واضحة في الأدب العربي، وفتح المجال لمزيد من النقاش حول مفهوم الحب والجمال في الشعر العربي الحديث.
الرحلة الأدبية لثريا قابل
منذ طفولتها، أبدت ثريا قابل شغفًا كبيرًا بالأدب والشعر، مما دفعها للانخراط في الكتابة الشعرية في سن مبكرة. تعكس أشعارها رؤية شخصية وعميقة للحياة، وهو ما جعلها تبرز في مشهد الشعر السعودي. كانت تبحث دائمًا عن التعبير عن مشاعرها وآلامها بطريقة متفردة تبتعد عن التقليدية، وفي الوقت ذاته تحافظ على التقاليد الأدبية المعروفة في المجتمع العربي.
وقد ساعدت موهبتها الأدبية على أن تجد لها مكانًا بين كبار الشعراء في المملكة، خاصة بعدما تأثرت بعدد من رواد الشعر العربي الحديث مثل نزار قباني، الذي كان له دور بارز في تطوير شعرها من حيث الأسلوب والموضوعات. وعلى الرغم من تأثرها ببعض الشعراء، إلا أن ثريا قابل استطاعت أن تخلق لنفسها مساحة مستقلة في عالم الشعر.
ديوان “عندما نحب”
يُعد ديوان “عندما نحب” من أبرز أعمال ثريا قابل الشعرية التي نالت شهرة واسعة في الأوساط الأدبية. صدر هذا الديوان في وقت كانت فيه الساحة الأدبية في السعودية تشهد تحولات كبيرة على مستوى الشعر الحديث. الكتاب يحمل طابعًا شعريًا يدمج بين الرومانسية والفلسفة الإنسانية، حيث يناقش الديوان مفهوم الحب بكل تجلياته، من خلال الأمل، الألم، الشوق، والخيبة.
ومن خلال قصائد هذا الديوان، تسبر ثريا قابل أغوار العلاقات الإنسانية من خلال شعر عذب يتنقل بين الذكريات، العواطف، والصراعات النفسية. نجد في كل قصيدة من قصائدها صورة فنية رائعة تنبض بالحياة وتستحث القارئ على التأمل في الذات البشرية. تُعبّر ثريا من خلال كلماتها عن الحب في أشكاله المختلفة، فالحب في قصائدها ليس مجرد مشاعر عاطفية بل هو حالة من التمرد على الواقع والبحث عن الرغبات الإنسانية العميقة.
أسلوبها الشعري ورؤيتها الأدبية
تتسم قصائد ثريا قابل بالبساطة في التعبير مع الحفاظ على الفخامة اللغوية، حيث تراعي في شعرها التفاصيل الدقيقة وتستخدم التشبيهات والاستعارات بشكل مميز. تتميز قصائدها بالانسيابية التي تسحب القارئ نحو عوالمها الشعرية الغنية بالأحاسيس والمعاني العميقة.
ثريا قابل تملك قدرة فنية على توظيف اللغة العربية الكلاسيكية بشكل ينسجم مع روح العصر الحديث، مما يجعل قراءتها ممتعة ومليئة بالمتعة الجمالية. فبجانب جمال اللغة، نجد في قصائدها نظرة فلسفية عميقة للحياة والمشاعر الإنسانية، وهو ما يميزها عن العديد من الشعراء المعاصرين.
الانتقادات والتفاعل الأدبي
رغم النجاح الكبير الذي حققه ديوان “عندما نحب” والشعبية الواسعة التي نالها بين قراء الأدب العربي، لم تخلُ مسيرة ثريا قابل الأدبية من الانتقادات. ففي بداية ظهورها على الساحة الأدبية، تعرضت لبعض الانتقادات من قبل بعض النقاد الذين رأوا في أشعارها خرقًا للتقاليد الشعرية الكلاسيكية، وهو ما اعتبره البعض تطورًا مهمًا في مسار الشعر السعودي والعربي.
إلا أن هذه الانتقادات لم تثنِ ثريا قابل عن المضي قدمًا في مسيرتها الأدبية، بل على العكس، كانت بمثابة دافع لها لمواصلة الكتابة والتعبير عن رؤاها الفكرية بطرق أكثر عمقًا وتطورًا. لم تقتصر ردود الفعل على الانتقادات السلبية، بل أثارت أعمالها أيضًا إعجاب العديد من النقاد الأدبيين والقراء الذين أشادوا بجمال أسلوبها وقدرتها على الإبداع في فن الشعر.
الاهتمام بالهم الاجتماعي والسياسي
بالإضافة إلى مواضيع الحب والجمال التي تطرقت إليها ثريا قابل في ديوانها، فإنها أيضًا لم تغفل قضايا المجتمع السعودي والعربي في أعمالها. فقد عملت على دمج قضايا مثل حقوق المرأة، والتعليم، والسياسة في بعض قصائدها، حيث كانت دائمًا ما تعكس هموم المجتمع في سياق شعري حساس. تلك القضايا شكلت جزءًا من رؤيتها الأدبية التي كانت تسعى من خلالها لإحداث تغيير أو على الأقل لفت انتباه المجتمع إلى قضايا تحتاج إلى مناقشة.
أثر ديوان “عندما نحب” في الأدب السعودي
كان لديوان “عندما نحب” تأثير كبير على الحركة الأدبية في السعودية. وقد اعتُبر نقطة فارقة في مسيرة الشعر السعودي الحديث، حيث ساهم في إبراز مكانة المرأة الشاعرة في المجتمع الأدبي السعودي والعربي. أضافت ثريا قابل بصمتها الخاصة في مجال الشعر، وساهمت في إعادة تعريف كيفية التعبير عن الحب والعاطفة من خلال الأدب، مما جعلها واحدة من أبرز الأسماء الأدبية التي استطاعت أن تجمع بين الفكرة الجمالية والتعبير العميق.
ومع استمرار مسيرتها الأدبية، كانت ثريا قابل دائمًا تسعى للبحث عن طرق جديدة للتعبير عن نفسها عبر الشعر. واستمرت في تقديم أعمال تثير الفكر والتأمل، محققة بذلك مكانة رفيعة بين الشعراء السعوديين والعرب، لتصبح أحد الرموز الأدبية التي لا يُمكن تجاهلها.
خاتمة
ثريا قابل، الشاعرة السعودية التي شكل ديوانها “عندما نحب” علامة فارقة في الأدب العربي الحديث، كانت وما زالت تمثل نموذجًا للشاعرة المبدعة التي تجمع بين الوعي الاجتماعي والفني في أشعارها. استطاعت من خلال أسلوبها الفريد أن تخلق لنفسها مكانًا في عالم الأدب، وتترك بصمة واضحة لا تُمحى في ذاكرة الأدب السعودي والعربي.
