في كتابه “التلاحم”، يقدم توم وولف لقارئه تحليلاً عميقاً وشاملاً لتطورات المجتمع الأمريكي في بداية القرن الواحد والعشرين. يستعرض وولف بأسلوبه الفريد والمميز كيف كانت العلاقات العاطفية والجنسية تُصوَّر في الماضي، حيث كان الحديث عن التقبيل والعناق يُعتبر “الوصول إلى القاعدة الأولى”، والتقبيل العميق كان القاعدة الثانية، بالإضافة إلى التلمس والمداعبة هنا وهناك. وكانت القاعدة الثالثة تتضمن الجنس الفموي، فيما كانت القاعدة الرابعة تمثل الجماع بشكل كامل.
ومع دخول العام 2000، يرى وولف أن هذه الفهميات قد تغيرت بشكل كبير. يتحدث عن كيف أن الفتيات والفتيان اليوم لا يعرفون شيئًا عن هذه المفاهيم الرقيقة من الماضي، حيث أن الوصول الأول اليوم يتضمن التقبيل العميق، المعروف الآن باسم “لعبة اللسان”، بالإضافة إلى التلمس والمداعبة هنا وهناك. ويشير إلى أن القاعدة الثانية أصبحت تتضمن الجنس الفموي، والقاعدة الثالثة تشمل الجماع بشكل كامل. وأن القاعدة الرابعة أصبحت تتعلق بتقديم الطرفين باسماءهما.
ومع ذلك، يلاحظ وولف بذكاء وفضول، أن الشباب المتورطين في علاقاتهم الجنسية نادراً ما يتم تقديمهم باسمائهم. يستند وولف إلى استبيان قام به حول يوميات الفتيات باستخدام مفكرة “File-o-Fax”، حيث اكتشف أن هذه العلاقات الحديثة نادراً ما تتضمن تقديم الشباب باسمائهم.
ويتجول وولف في رحلة عبر الولايات المتحدة، يوثق فيها ليس فقط السلوكيات الجنسية والاجتماعية للمراهقين، بل يتناول أيضا التغييرات الأساسية في نظرة الإنسان لذاته نتيجة للتطورات الساخنة في ميداني الجينات وعلم الأعصاب.
وفي هذا الكتاب، نجد أيضاً “كمين في فورت براغ”، رواية قصيرة تتحدث عن عمليات التلفزيون الاستفزازية، حيث صاغ وولف بدقة مذهلة ثلاث حالات من الفضائح والخيانة التي كان من المتوقع أن تنفجر قريبًا في وسائل الإعلام.
ويقدم لنا وولف قطعة أدبية أخرى بعنوان “أنت هنا”، قصة فنان نيويورك الذي نجح بفضل نقصه التام في الموهبة، مما يعد لنا دراسة حالة تستعد للتغييرات الجذرية التي تهب على عالم الفن في أمريكا.
وكما هو الحال دائمًا مع أعمال وولف، يأخذنا في رحلة إلى “ميموري مول”. ويتم إعادة طبع مقالين لوولف عن مجلة “ذي نيو يوركر” ورئيس تحريرها وليام شون، التي أشعلت إحدى أكبر عواصف الصحافة في القرن العشرين. وتعتبر خاتمة وولف حول كل هذه التفاصيل ذات الحيوية، لذا فإنها تمثل لنا جرعة لذيذة من هذا العصر الساحر، الستينات الملتوية.
في المجمل، يظهر توم وولف في أوج قدراته كمراسل، وكروائي، وكاجتماعي، وكسجل، ولنقله بترجمة غير حرفية لما قاله بالزاك عن نفسه، فإنه يظهر كأمين للمجتمع الأمريكي في القرن الواحد والعشرين.