توجيهات لإجراء المقابلة الصحفية

توجيهات هامة لإجراء المقابلة الصحفية

تُعتبر المقابلة الصحفية أحد الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها الصحفيون في جمع المعلومات وإيصال الأخبار للجمهور. وقد تكون المقابلة الصحفية بمثابة نافذة تكشف عن رؤى وأفكار شخصيات مؤثرة في المجتمع، أو وسيلة لفهم مواقف وتوجهات الشركات والمؤسسات. ومع ذلك، فإن إجراء مقابلة صحفية ناجحة يتطلب مهارات استثنائية، وخبرة في التعامل مع المحاورين، فضلاً عن التحضير الجيد الذي يضمن الحصول على إجابات شافية ودقيقة.

في هذا المقال، سنستعرض أهم التوجيهات التي يجب على الصحفيين مراعاتها لإجراء مقابلة صحفية ناجحة تضمن الحصول على المعلومات المطلوبة مع احترام القيم المهنية.

1. التحضير المسبق للمقابلة

التحضير الجيد هو حجر الزاوية لنجاح أي مقابلة صحفية. قبل إجراء المقابلة، يجب على الصحفي دراسة موضوع المقابلة بشكل دقيق، وفهم خلفية الشخص الذي سيتم إجراء المقابلة معه. يشمل التحضير ما يلي:

• البحث عن المحاور: يجب معرفة كافة التفاصيل حول الشخص الذي ستجري معه المقابلة، سواء كان شخصية عامة، مسؤولًا في مؤسسة، أو خبيرًا في مجال معين. من المفيد الاطلاع على مقابلات سابقة له، أو التصريحات العامة التي أدلى بها، وذلك لفهم أسلوبه وأبرز آرائه.

• تحديد الأهداف: يجب تحديد الأهداف التي يسعى الصحفي لتحقيقها من خلال المقابلة. هل الهدف هو كشف معلومات جديدة؟ أم محاولة الحصول على ردود فعل حول قضية معينة؟ تحديد الأهداف يساعد في توجيه الأسئلة بطريقة أكثر فعالية.

• إعداد الأسئلة: يجب تحضير أسئلة دقيقة وواضحة. يفضل أن تكون الأسئلة متنوعة، بدءًا من الأسئلة المفتوحة التي تشجع المحاور على الحديث بحرية، وصولاً إلى الأسئلة المغلقة التي تتيح الحصول على معلومات محددة. من المهم أيضًا ترك مجال للأسئلة المفاجئة التي قد تفتح المجال لمزيد من التفاصيل.

2. إعداد البيئة المناسبة للمقابلة

تُعتبر البيئة التي يتم فيها إجراء المقابلة جزءًا مهمًا من نجاحها. إذا كانت المقابلة ستجرى في مكان هادئ ومريح، فإن ذلك سيساعد المحاور في التركيز والإجابة بشكل أفضل. يجب مراعاة النقاط التالية:

• اختيار المكان: من الأفضل إجراء المقابلة في مكان هادئ بعيد عن الضوضاء والمشتتات. قد يكون ذلك في مكتب، مقهى هادئ، أو حتى عبر مكالمة فيديو إذا كانت المقابلة عن بُعد.

• التقنيات المستخدمة: إذا كانت المقابلة ستتم عبر الهاتف أو الإنترنت، يجب التأكد من أن التقنية المستخدمة لا تحتوي على مشاكل فنية. تأكد من عمل الميكروفون والكاميرا بشكل سليم.

• الوقت المناسب: تحديد الوقت المناسب للمقابلة أمر بالغ الأهمية. يجب مراعاة جدول أعمال المحاور وتحديد وقت مناسب له، ويجب أيضًا احترام الوقت وعدم تأخيره.

3. إقامة علاقة من الثقة مع المحاور

العلاقة بين الصحفي والمحاور لها تأثير كبير على نجاح المقابلة. يجب أن يشعر المحاور بالراحة والثقة لكي يجيب بصدق وشفافية. يُنصح باتباع ما يلي:

• الاحترام المتبادل: يجب أن يكون الصحفي محترمًا ومتفهّمًا لجميع وجهات النظر، حتى وإن كانت تختلف عن آرائه الشخصية. الاحترام يعزز من الجو التفاعلي الإيجابي في المقابلة.

• الاستماع الجيد: الاستماع الفعّال هو مهارة أساسية في أي مقابلة صحفية. يجب على الصحفي أن يكون يقظًا لما يقوله المحاور وأن يركز على كل كلمة حتى يتمكن من طرح أسئلة متابعة دقيقة.

• طرح أسئلة متابعة: يمكن أن تفتح إجابة واحدة نافذة على مزيد من المواضيع. من المهم طرح أسئلة متابعة للحصول على تفاصيل إضافية وتوضيح النقاط التي تحتاج إلى مزيد من الشرح.

4. إدارة المقابلة بفعالية

إدارة المقابلة بفعالية تتطلب القدرة على التوازن بين التوجيه الجيد للأسئلة ومنح المحاور حرية التعبير. في بعض الحالات، قد تواجه محاورًا متحفظًا أو غير راغب في الإجابة، لذلك يجب أن يتمتع الصحفي بمهارات التواصل لإدارة المواقف الصعبة. يجب مراعاة النقاط التالية:

• المرونة في التعامل: يجب أن يكون الصحفي مرنًا في إدارة الحوار. أحيانًا تكون الإجابات غير كافية أو غير واضحة، لذلك يجب على الصحفي أن يعيد صياغة السؤال أو يطرح سؤالًا موجهًا لتوضيح الفكرة.

• التعامل مع الإجابات الغامضة: إذا كانت الإجابة غامضة أو غير كاملة، يمكن للصحفي أن يطلب توضيحًا إضافيًا. من المهم عدم السماح للمحاور بالتهرب من الإجابة، خاصة عندما تكون القضية مهمة.

• التحكم في تدفق المقابلة: على الرغم من أهمية إعطاء المحاور وقتًا كافيًا للإجابة، يجب أن يحرص الصحفي على توجيه المقابلة نحو الموضوع الرئيسي بشكل سلس، دون السماح للحديث بالخروج عن المسار المحدد.

5. التعامل مع الأسئلة الحساسة

قد يتعين على الصحفي طرح أسئلة حساسة أو مثيرة للجدل خلال المقابلة، مثل القضايا السياسية أو المالية. من المهم أن يتم التعامل مع هذه الأسئلة بحذر شديد، وذلك وفقًا للآتي:

• التحلي باللباقة: يجب أن تكون الأسئلة الحساسة مدروسة ومُصاغة بعناية، بحيث لا تتسبب في إحراج المحاور. الاستفسار عن الأمور الحساسة يجب أن يتم بروح من اللباقة والاحترام.

• التحضير لإجابات غير مرضية: قد يرفض بعض المحاورين الإجابة على الأسئلة الحساسة، وفي هذه الحالة يجب على الصحفي أن يتحلى بالصبر ويقبل الإجابة التي يتلقاها.

• التحقق من الحقائق: عندما يتم تناول موضوع حساس مثل قضايا فساد أو مخالفات، يجب على الصحفي التأكد من صحة المعلومات من مصادر موثوقة قبل طرحها، لضمان دقة الخبر.

6. مراجعة وتحرير المقابلة

بعد انتهاء المقابلة، يأتي دور المراجعة والتحرير. يجب على الصحفي أن يقوم بمراجعة ما تم تدوينه أثناء المقابلة، والتأكد من دقة النصوص والاقتباسات. إذا كان ذلك مناسبًا، قد يرسل الصحفي نسخة من المقابلة للمحاور للموافقة عليها، وخاصة في الحالات التي يتم فيها نشر التصريحات بشكل مباشر.

7. الالتزام بالقيم المهنية والأخلاقية

الصحافة هي مهنة تتطلب الالتزام بأعلى درجات المهنية والأخلاقية. لذلك، من الضروري أن يلتزم الصحفي بقيم النزاهة والحياد أثناء إجراء المقابلة. يجب تجنب تحريف الكلمات أو استخدام الأسئلة المضللة. في المقابل، من المهم مراعاة حقوق المحاور، بما في ذلك الحق في الخصوصية والسرية عندما يكون ذلك مناسبًا.

الخلاصة

إجراء مقابلة صحفية ناجحة ليس مجرد مهارة في طرح الأسئلة، بل يتطلب تحضيرًا دقيقًا، فهمًا جيدًا للمادة الإعلامية، وإدارة جيدة للوقت والعلاقات مع المحاور. من خلال التحضير الجيد، وإقامة علاقة من الثقة مع المحاور، وإدارة المقابلة بشكل فعّال، يمكن للصحفي أن يحصل على إجابات شافية ودقيقة، مما يعزز من جودة التقرير الصحفي ويسهم في نقل المعلومة بشكل موثوق واحترافي.