الطفل الخديج: الأسباب والعلاج

الطفل الخديج (المبستر) – التعريف، الأسباب، والعلاج

يعتبر الطفل الخديج أو الطفل المبتسر، من الحالات الطبية التي تشكل تحدياً كبيراً للأطباء والأمهات على حد سواء. يُعرف الطفل الخديج بأنه الطفل الذي يولد قبل أن يكمل فترة الحمل الطبيعية، والتي تتراوح عادة بين 37 و42 أسبوعاً من الحمل. بينما يُعَرَّف الطفل المبتسر بأنه المولود قبل الأسبوع السابع والثلاثين، ويُقدر معدل الولادة المبكرة عالمياً بنحو 10% من إجمالي الولادات. لكن على الرغم من هذه النسبة، فقد شهدت السنوات الأخيرة تقدماً كبيراً في الرعاية الطبية للأطفال المبتسرين، مما ساهم في تحسين معدلات البقاء على قيد الحياة وقلل من المضاعفات الصحية المصاحبة.

أنواع الولادة المبكرة

تقسم الولادة المبكرة إلى ثلاثة أنواع رئيسية بناءً على مرحلة الحمل التي تحدث فيها:

1. الولادة المبكرة المتأخرة (بين الأسبوع 34 والأسبوع 36 من الحمل): هذا النوع هو الأكثر شيوعاً بين الأطفال المبتسرين، وفي هذه الحالة، قد لا يعاني الطفل من مشاكل صحية كبيرة.

2. الولادة المبكرة المعتدلة (بين الأسبوع 32 والأسبوع 33 من الحمل): هذا النوع يحتاج الطفل إلى رعاية خاصة في وحدة العناية المركزة للأطفال الخدج، حيث يعاني الطفل في هذه الحالة من مشاكل في التنفس والتنظيم الحراري.

3. الولادة المبكرة الشديدة (قبل الأسبوع 32 من الحمل): في هذه الحالة، يكون الطفل في أشد الحاجة إلى رعاية طبية متخصصة، حيث يعاني من مشاكل متعددة مثل صعوبة التنفس، نقص وزن الجسم، وعدم اكتمال نمو الأعضاء الداخلية.

أسباب الولادة المبكرة

تتعدد أسباب الولادة المبكرة وتختلف من حالة إلى أخرى. قد يكون السبب في بعض الأحيان غير معروف، بينما في حالات أخرى، يمكن تحديد سبب واضح. من بين الأسباب الشائعة:

1. المشاكل الصحية للأم:

   • ضغط الدم المرتفع: النساء اللواتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل قد يواجهن خطر الولادة المبكرة.

   • السكري: النساء المصابات بالسكري قد يكن أكثر عرضة لإنجاب أطفال خُدج.

   • التسمم الحملي: حالة تسمم تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وتورم القدمين واليدين، مما قد يؤدي إلى ولادة مبكرة.

   • الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والكلى: قد تؤدي الأمراض المزمنة إلى مضاعفات خلال الحمل.

2. المضاعفات الجنينية:

   • انفصال المشيمة المبكر: عندما تنفصل المشيمة عن جدار الرحم قبل الولادة، قد يتسبب ذلك في ولادة مبكرة.

   • التشوهات الخلقية: في بعض الحالات، قد يولد الطفل بعيوب خلقية تجبر الأطباء على إتمام الولادة في وقت مبكر.

3. العوامل البيئية والاجتماعية:

   • التوتر النفسي والإجهاد: يمكن أن تؤدي الضغوط النفسية إلى تفاعلات جسمانية تساهم في تحفيز الولادة المبكرة.

   • التغذية السيئة: نقص الفيتامينات والمعادن الأساسية مثل حمض الفوليك يمكن أن يزيد من خطر الولادة المبكرة.

   • التدخين أو شرب الكحول: يعد التدخين من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى الولادة المبكرة.

4. العدوى: بعض العدوى مثل التهاب المسالك البولية أو العدوى التي تؤثر على الرحم والمشيمة قد تؤدي إلى حدوث الولادة المبكرة.

5. الولادات المتعددة: حمل التوائم أو التعدد الجنيني يزيد من احتمالية الولادة المبكرة، حيث يضغط التعدد على الرحم ويقلل من المساحة المتاحة للطفل.

تأثير الولادة المبكرة على صحة الطفل

يتعرض الطفل الخديج لمجموعة من المخاطر الصحية، التي قد تختلف بحسب مدة الولادة. على الرغم من التقدم الكبير في الطب، إلا أن الأطفال الذين يولدون قبل الأسبوع 32 من الحمل ما زالوا يواجهون تحديات صحية متعددة، مثل:

1. صعوبة التنفس:

   • يمكن أن يولد الأطفال المبتسرون مع مشاكل في الجهاز التنفسي، خاصة إذا كانت رئتيهم غير مكتملتين. قد يتطلب هؤلاء الأطفال جهاز التنفس الصناعي أو المساعدة في التنفس لفترات طويلة بعد الولادة.

2. نقص الوزن:

   • الأطفال الخدج عادة ما يكونون أقل وزناً من الأطفال الذين يولدون في موعدهم. هذا النقص في الوزن يمكن أن يؤثر على قدرة الطفل على التغذية والنمو بشكل طبيعي.

3. المشاكل الهضمية:

   • الجهاز الهضمي للأطفال المبتسرين قد لا يكون قد اكتمل تماماً، ما قد يعرضهم لمشاكل في الهضم والامتصاص. في بعض الحالات، قد يحتاج الأطفال إلى تغذية خاصة مثل الحليب الصناعي أو التغذية عن طريق الوريد.

4. العدوى:

   • الأطفال المبتسرون معرضون أكثر للإصابة بالعدوى بسبب ضعف جهاز المناعة لديهم. يمكن أن تكون العدوى الناتجة عن الولادة المبكرة مهددة للحياة إذا لم يتم علاجها على الفور.

5. مشاكل في نمو الدماغ:

   • الدماغ يتطور بشكل سريع في الأشهر الأخيرة من الحمل، ولذلك فإن الأطفال الذين يولدون قبل الأوان قد يعانون من مشاكل في النمو العقلي أو الحركي في المستقبل، مثل صعوبة التعلم أو التأخر في اكتساب المهارات الحركية.

6. مشاكل في العين:

   • قد يعاني الأطفال المبتسرون من مشاكل في العين مثل مرض الشبكية الخديج، الذي يمكن أن يؤثر على قدرتهم على الرؤية.

العناية بالطفل الخديج

تتطلب رعاية الأطفال المبتسرين اهتماماً خاصاً في المستشفى وفي المنزل. في البداية، يحتاج الطفل الخديج إلى رعاية طبية في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة (NICU)، حيث يحصل على جميع العلاجات اللازمة مثل التنفس الاصطناعي، التغذية عبر الوريد، والعناية بالأعضاء الحيوية التي قد لا تكون مكتملة بعد.

1. التغذية: الأطفال المبتسرون غالباً ما يحتاجون إلى التغذية عبر أنبوب أو تغذية صناعية قبل أن يكونوا قادرين على الرضاعة الطبيعية. في بعض الحالات، قد يتم تحفيز نمو الأمعاء باستخدام حليب الأم، لأن حليب الأم يحتوي على المواد الغذائية التي تعزز من جهاز المناعة.

2. الرعاية التنفسية: قد يحتاج الطفل إلى مساعدة في التنفس لفترة قصيرة أو طويلة اعتماداً على مستوى تطور رئتيه.

3. العلاج الفيزيائي: في بعض الحالات، قد يتطلب الأطفال الخدج علاجات فيزيائية لتحفيز نمو العضلات وتحسين التنسيق الحركي.

4. المتابعة الطبية: من الضروري أن يتابع الأطفال المبتسرون بشكل دوري مع الأطباء المختصين في الرعاية الصحية للطفل الخديج. قد يحتاج الطفل إلى زيارات طبية متعددة لتقييم نموه العقلي والجسدي.

الوقاية من الولادة المبكرة

على الرغم من أن بعض حالات الولادة المبكرة لا يمكن تجنبها، إلا أنه يمكن اتخاذ خطوات للحد من مخاطر الولادة المبكرة. من أهم التدابير الوقائية:

1. الرعاية الطبية المبكرة: يجب أن تتلقى الأم الرعاية الطبية الكافية طوال فترة الحمل لتقليل المخاطر التي قد تؤدي إلى الولادة المبكرة.

2. التغذية الجيدة: تناول الغذاء الصحي والمتوازن خلال الحمل، مع الاهتمام بتناول المكملات الغذائية مثل حمض الفوليك.

3. الابتعاد عن التدخين والكحول: يجب على الأم تجنب التدخين والكحول بشكل كامل خلال فترة الحمل.

4. الراحة الجسدية والنفسية: تقليل التوتر والإجهاد النفسي يمكن أن يقلل من خطر الولادة المبكرة.

5. الفحوصات الدورية: من الضروري أن تقوم الأم بإجراء الفحوصات الدورية لمتابعة تطور الحمل والاطمئنان على صحة الطفل.

خلاصة

الطفل الخديج، رغم ما يواجهه من تحديات طبية وصحية منذ ولادته، إلا أن التقدم الطبي في علاج الأطفال المبتسرين قد ساهم في تحسين فرص بقائهم على قيد الحياة مع جودة حياة أفضل. في الوقت نفسه، تعتبر الوقاية المبكرة والمتابعة المستمرة أموراً بالغة الأهمية لتقليل خطر حدوث الولادة المبكرة وضمان صحة أفضل للطفل والأم معاً.