تمزق أربطة الركبة: الأسباب، الأنواع، الأعراض، والتشخيص والعلاج

تمزق أربطة الركبة هو أحد الإصابات الشائعة والمعقدة التي تؤثر على وظيفة الركبة وقدرتها على التحمل والحركة الطبيعية. الركبة تعتبر من أكثر المفاصل تعقيداً في جسم الإنسان، حيث تتكون من عظام، أربطة، غضاريف، وأوتار تعمل جميعها بتناغم للحفاظ على ثبات الركبة وحركتها. عندما تتعرض أربطة الركبة للتمزق، يؤدي ذلك إلى ضعف كبير في الاستقرار الوظيفي للركبة، مما يسبب ألمًا شديدًا، صعوبة في الحركة، وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى عجز دائم إذا لم يتم علاج الإصابة بشكل مناسب.

مكونات الركبة وأهميتها في الحركة

الركبة هي مفصل يتكون من التقاء ثلاث عظام رئيسية: عظم الفخذ (Femur)، عظم الساق (Tibia)، والرضفة (Patella). ترتبط هذه العظام ببعضها من خلال أربطة قوية وأوتار، مع وجود الغضاريف التي تعمل كوسائد وتمتص الصدمات. الأربطة الرئيسية في الركبة تشمل:

• الرباط الصليبي الأمامي (ACL): يمنع حركة الانزلاق الأمامي لعظم الساق بالنسبة لعظم الفخذ، ويساعد في التحكم في حركة الدوران.

• الرباط الصليبي الخلفي (PCL): يمنع حركة الانزلاق الخلفي لعظم الساق.

• الرباط الجانبي الداخلي (MCL): يثبت الركبة من الجهة الداخلية.

• الرباط الجانبي الخارجي (LCL): يثبت الركبة من الجهة الخارجية.

كل من هذه الأربطة ضرورية للحفاظ على ثبات الركبة أثناء الحركة، وتمزق أي منها يؤثر بشكل مباشر على وظيفة الركبة.

أسباب تمزق أربطة الركبة

تمزق أربطة الركبة يحدث غالبًا نتيجة لحركة مفاجئة أو عنيفة تؤدي إلى تحميل غير طبيعي على الركبة. من أكثر الأسباب شيوعًا:

• الإصابات الرياضية: تعتبر من أكثر الأسباب شيوعًا، خصوصًا في الرياضات التي تتطلب توقفًا مفاجئًا، تغييرات سريعة في الاتجاه، أو دفع قوي مثل كرة القدم، كرة السلة، التزلج، والركض.

• الحوادث المرورية: تؤدي الصدمات الشديدة في الحوادث إلى تمزق الأربطة بسبب القوة المطبقة على الركبة.

• السقوط: خاصة إذا تم السقوط على الركبة أو بزاوية خاطئة تسبب التواء الركبة.

• الحركات الخاطئة أو المفاجئة: قد تؤدي إلى شد الأربطة وتمزقها، حتى في حالات النشاط اليومي مثل رفع الأوزان الثقيلة بطريقة غير صحيحة.

• ضعف العضلات المحيطة بالركبة: نقص القوة العضلية أو التوازن العضلي حول الركبة يزيد من خطر الإصابة.

أنواع تمزق أربطة الركبة

التمزق قد يكون جزئيًا أو كاملاً، ويصنف تبعًا لنوع الرباط المتأثر:

1. تمزق الرباط الصليبي الأمامي (ACL)

يُعد من أكثر أنواع تمزق الأربطة شيوعًا وخطورة، حيث يتحكم في ثبات الركبة ويمنع الانزلاق الأمامي لعظم الساق. إصابة هذا الرباط تؤدي إلى عدم استقرار الركبة وصعوبة في الحركة السريعة.

2. تمزق الرباط الصليبي الخلفي (PCL)

أقل شيوعًا من تمزق الرباط الأمامي، لكنه يحدث غالبًا نتيجة صدمة مباشرة على الجزء الأمامي من الساق عندما تكون الركبة مثنية.

3. تمزق الرباط الجانبي الداخلي (MCL)

يحدث غالبًا نتيجة ضغط من الخارج على الركبة، ويتميز بألم وتورم في الجانب الداخلي من الركبة.

4. تمزق الرباط الجانبي الخارجي (LCL)

يعتبر نادرًا مقارنة بأنواع التمزق الأخرى، ويحدث بسبب ضغط من الداخل على الركبة.

الأعراض المصاحبة لتمزق أربطة الركبة

تمزق أربطة الركبة يصاحبه مجموعة من الأعراض التي تختلف حسب درجة الإصابة ونوع الرباط المتأثر، وتشمل:

• ألم شديد وفوري: غالبًا ما يكون الألم حادًا ومفاجئًا عند حدوث الإصابة.

• تورم الركبة: يبدأ التورم في غضون ساعات قليلة بسبب النزيف الداخلي والتهاب الأنسجة.

• عدم القدرة على المشي أو تحمل الوزن: بسبب الألم وعدم ثبات الركبة.

• الشعور بعدم استقرار الركبة أو أنها “تتخلخل” أو “تتراجع” أثناء الحركة.

• تقييد حركة الركبة وصعوبة في ثنيها أو فردها.

• الشعور بصوت فرقعة أو طقطقة وقت الإصابة، خصوصًا في حالات تمزق الرباط الصليبي الأمامي.

التشخيص الطبي لتمزق أربطة الركبة

التشخيص يعتمد على التقييم السريري بالإضافة إلى الفحوصات الطبية المتقدمة:

الفحص السريري

يقوم الطبيب بتقييم الأعراض وفحص الركبة يدويًا لاختبار ثبات الأربطة. تشمل الفحوصات المعروفة:

• اختبار “لابي” (Lachman Test): لفحص استقرار الرباط الصليبي الأمامي.

• اختبار السحب الأمامي والخلفي (Anterior and Posterior Drawer Tests): لتقييم الرباطين الصليبيين.

• اختبار الضغط الجانبي (Valgus and Varus Stress Tests): لتقييم الأربطة الجانبية.

التصوير الطبي

• الأشعة السينية (X-Ray): تستبعد وجود كسور أو إصابات في العظام.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): أكثر الطرق دقة لتحديد تمزق الأربطة وحالة الأنسجة الرخوة، ويعطي صورة واضحة عن مدى الإصابة.

العلاج والتأهيل

العلاج يختلف بناءً على شدة التمزق، نوع الرباط، عمر المريض، ومستوى النشاط البدني المطلوب بعد الشفاء.

1. العلاج غير الجراحي

مناسب في حالات التمزقات الجزئية أو عند الأشخاص غير النشطين رياضيًا:

• الراحة: تجنب الضغط على الركبة المصابة.

• الثلج: لتقليل التورم والالتهاب.

• الضغط والدعم: استخدام أربطة ضاغطة أو جبائر.

• رفع الساق: للمساعدة في تقليل التورم.

• الأدوية: مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) لتخفيف الألم والتورم.

• العلاج الطبيعي: لتقوية العضلات المحيطة بالركبة واستعادة الحركة تدريجياً.

2. العلاج الجراحي

يُوصى به عادةً في حالات التمزق الكامل للرباط الصليبي الأمامي، أو عند تمزق عدة أربطة معًا، خصوصًا للرياضيين أو الأشخاص الذين يعتمدون على ركبتهم لأداء نشاطات بدنية مكثفة.

• إعادة بناء الرباط: غالبًا ما يتم باستخدام طُعم (غرسة) من أوتار الجسم نفسه مثل وتر الرضفة أو أوتار الفخذ.

• تثبيت الركبة: عن طريق تقنيات جراحية دقيقة تساعد على استعادة استقرار الركبة.

• التأهيل بعد الجراحة: يتضمن تمارين مكثفة لتحسين الحركة وتقوية العضلات وضمان نجاح العملية.

مراحل التعافي وإعادة التأهيل

تُعد فترة إعادة التأهيل من أهم مراحل العلاج، وتختلف حسب نوع وشدة الإصابة وطريقة العلاج:

• المرحلة الأولى: تقليل التورم والألم، وتحسين نطاق الحركة.

• المرحلة الثانية: تقوية عضلات الفخذ والركبة تدريجيًا لتحسين ثبات المفصل.

• المرحلة الثالثة: تدريب التوازن والمرونة، واستعادة القدرة على أداء الأنشطة اليومية.

• المرحلة الرابعة: العودة التدريجية إلى الرياضة أو العمل، مع مراقبة دقيقة لتجنب الإصابات المتكررة.

يستغرق التعافي الكامل بعد جراحة إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي عادة من 6 إلى 12 شهرًا، ويجب الالتزام بالخطة العلاجية للتقليل من مخاطر الفشل أو تمزق الرباط مرة أخرى.

مضاعفات تمزق أربطة الركبة

إذا لم يتم علاج التمزق بشكل مناسب، قد تحدث مضاعفات تؤثر على جودة حياة المريض، منها:

• عدم استقرار الركبة المزمن: مما يزيد من خطر السقوط والإصابات المتكررة.

• تلف الغضاريف: مما يؤدي إلى التهاب المفاصل المبكر.

• ضعف العضلات: نتيجة عدم استخدام الركبة بسبب الألم أو الخوف من الحركة.

• تصلب الركبة: خاصة إذا كان هناك تورم شديد أو التهاب مستمر.

الوقاية من تمزق أربطة الركبة

الوقاية تعتبر من أفضل الطرق لتجنب الإصابة، وتتضمن:

• تمارين تقوية العضلات: خصوصًا عضلات الفخذ الخلفية والأمامية.

• تمارين التوازن والمرونة: لتعزيز ثبات المفصل وتقليل خطر التواء الركبة.

• استخدام الأحذية المناسبة: والتي توفر الدعم اللازم أثناء المشي أو ممارسة الرياضة.

• تقنيات صحيحة أثناء ممارسة الرياضة: مثل تجنب الحركات المفاجئة أو الانحناءات العنيفة.

• الاحماء الجيد قبل التمارين: لتحضير العضلات والمفاصل للحركة.

يُعتبر تمزق أربطة الركبة من الإصابات التي تتطلب اهتمامًا طبيًا دقيقًا وفهمًا شاملاً للأنسجة المتأثرة، وأهمية إعادة التأهيل للعودة إلى الحياة الطبيعية أو النشاط الرياضي بأمان. الالتزام بالعلاج والوقاية يقللان بشكل كبير من المخاطر المرتبطة بهذه الإصابة.

المصادر والمراجع

1. “Management of Knee Ligament Injuries,” American Academy of Orthopaedic Surgeons (AAOS), 2020.

2. “Knee Ligament Injuries: Diagnosis and Treatment,” Journal of Orthopaedic & Sports Physical Therapy, 2019.