معنى الفقر

الفقر هو حالة اجتماعية واقتصادية تعكس افتقار الأفراد أو الجماعات للقدرة على تأمين احتياجاتهم الأساسية للعيش الكريم، مثل الغذاء، المسكن، الرعاية الصحية، والتعليم. ويعد الفقر من الظواهر المعقدة التي لا تقتصر على الجانب المادي فقط، بل تتعداه إلى أبعاد نفسية واجتماعية وثقافية تؤثر على جودة حياة الإنسان وكرامته. يتفاوت تعريف الفقر من مجتمع لآخر باختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكنه في المجمل يعبر عن حالة من العجز والحرمان المستمر الذي يعيق التنمية البشرية والاجتماعية.

تعريف الفقر

الفقر في أبسط تعريفاته هو نقص الموارد المادية التي يحتاجها الإنسان لتلبية متطلبات حياته الأساسية. إلا أن هذا التعريف المادي لا يغطي كل جوانب الفقر، إذ إن الفقر مفهوم متعدد الأبعاد يشمل الحرمان من الحقوق الأساسية مثل التعليم، الصحة، الفرص الاقتصادية، والمشاركة الاجتماعية. وبحسب البنك الدولي، يُعرف الفقر بأنه حالة يعيش فيها الفرد بأقل من 1.90 دولار أمريكي في اليوم، وهو ما يُعتبر الحد الأدنى للعيش في الفقر المدقع.

في الأبعاد الاجتماعية، يُعرف الفقر على أنه حرمان من المشاركة الفعالة في الحياة الاجتماعية، مما يؤدي إلى عزلة اجتماعية وفقدان للكرامة الإنسانية. أما في البعد النفسي، فقد يكون الفقر سبباً في الإحباط، فقدان الأمل، وانخفاض مستوى الثقة بالنفس.

أنواع الفقر

يمكن تصنيف الفقر إلى عدة أنواع بناءً على معاييره وأسبابه وتأثيراته:

1. الفقر المطلق

هو الحالة التي يعجز فيها الفرد عن تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للحياة مثل الغذاء، المسكن، والملبس. ويقاس الفقر المطلق عادةً بناءً على مستويات دخل محددة جداً لا تكفي لسد حاجات الإنسان الأساسية.

2. الفقر النسبي

يعبر عن حالة يكون فيها دخل الفرد أو الأسرة أقل من متوسط دخل المجتمع الذي يعيشون فيه. ويختلف هذا النوع من الفقر باختلاف المستويات المعيشية في كل مجتمع، حيث قد يكون الشخص غير فقير ماديًا على المستوى العالمي لكنه فقير نسبيًا في مجتمعه المحلي.

3. الفقر الثقافي

يتعلق بعدم توفر الفرص والوسائل التي تمكن الفرد من الوصول إلى الثقافة والمعرفة، ويشمل نقص التعليم، المهارات، والمعلومات الضرورية لمواكبة التطور الاجتماعي والاقتصادي.

4. الفقر الهيكلي

ينشأ بسبب العوامل البنيوية والاقتصادية التي تؤدي إلى تفاوت في توزيع الثروات والفرص داخل المجتمع، مثل البطالة، ضعف المؤسسات، والفساد، والذي يمنع الفئات الفقيرة من تحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي.

5. الفقر المؤقت والفقر المزمن

الفقر المؤقت يكون ناتجًا عن ظروف طارئة مثل الكوارث الطبيعية، الحروب، أو الأزمات الاقتصادية، ويستمر لفترة زمنية محدودة. أما الفقر المزمن فيرتبط بالحرمان المستمر لفترات طويلة ويتطلب تدخلات تنموية جذرية.

أسباب الفقر

يرتبط الفقر بعدة أسباب متداخلة تتفاوت بين الفرد والمجتمع، وتتمثل أبرز هذه الأسباب في:

1. البطالة وعدم توفر فرص العمل

غياب الوظائف أو عدم ملاءمة المهارات المتوفرة لدى الأفراد لسوق العمل يعد من أبرز أسباب الفقر، إذ يؤدي إلى انعدام الدخل أو انخفاضه.

2. ضعف التعليم ونقص المهارات

عدم حصول الأفراد على تعليم جيد أو مهارات تؤهلهم للعمل يقلل من فرصهم في الحصول على وظائف مستقرة وذات دخل مناسب.

3. التفاوت في توزيع الثروة

التركيز الكبير للثروات في أيدي فئة قليلة وعدم العدالة في توزيع الموارد يؤدي إلى اتساع دائرة الفقر.

4. الأزمات الاقتصادية والسياسية

الحروب، النزاعات، الأزمات الاقتصادية، وتدهور الوضع الأمني يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني وفرص العمل.

5. مشاكل صحية وإعاقة

الأمراض المزمنة أو الإعاقات تؤثر على قدرة الأفراد على العمل وزيادة دخلهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للفقر.

6. الأوضاع الاجتماعية والثقافية

مثل التمييز، القوالب النمطية، والعادات التي قد تحد من فرص بعض الفئات في الحصول على فرص عمل أو تعليم.

آثار الفقر

تتعدد آثار الفقر وتشمل جوانب مختلفة من حياة الفرد والمجتمع:

1. التأثير على الصحة

الأشخاص الفقراء عادة ما يعانون من سوء التغذية، عدم القدرة على الحصول على رعاية صحية جيدة، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الأمراض والوفيات.

2. التأثير على التعليم

قلة الموارد تعيق قدرة الأسر على إرسال أطفالها إلى المدارس، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات التحصيل الدراسي وزيادة الأمية.

3. التأثير على البنية الأسرية والاجتماعية

الفقر قد يؤدي إلى تفكك الأسر، انتشار العنف الأسري، وزيادة معدلات الجريمة بسبب الإحباط والضغط النفسي.

4. التأثير الاقتصادي

تؤدي ظاهرة الفقر إلى تقليل القدرة الشرائية، ضعف الإنتاجية، وانتشار البطالة مما يعرقل التنمية الاقتصادية.

5. التأثير النفسي والاجتماعي

الفقر يسبب مشاعر الإحباط، الانطواء، فقدان الثقة بالنفس، والشعور بالتمييز الاجتماعي مما يؤثر على الصحة النفسية للفرد.

مقاييس قياس الفقر

يُستخدم في دراسة الفقر العديد من المقاييس والمؤشرات التي تساعد على تحديد درجة وشكل الفقر، منها:

طرق مواجهة الفقر

تعتبر مكافحة الفقر من أهم التحديات التي تواجه الدول والمجتمعات، وتتطلب استراتيجيات متكاملة تجمع بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويمكن تلخيص أبرز الحلول فيما يلي:

1. تحسين فرص التعليم

توفير تعليم مجاني وجودة عالية لجميع الفئات خاصة الفقراء يمكن أن يساعد في بناء مهارات تؤهلهم لسوق العمل.

2. خلق فرص عمل مستدامة

تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة وتحفيز الاستثمار يؤدي إلى زيادة فرص العمل والدخل.

3. تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية

مثل الدعم المالي، التأمين الصحي، وبرامج الإعانة التي تساعد الفقراء على تجاوز الأزمات.

4. العدالة في توزيع الموارد

سياسات مالية واجتماعية تضمن تقليل التفاوتات الاقتصادية وتعزيز العدالة الاجتماعية.

5. تعزيز الصحة العامة

توفير خدمات صحية مناسبة للفقراء يقلل من أعباء المرض ويزيد من فرص العمل والإنتاج.

6. تطوير البنية التحتية والخدمات

توفير المياه الصالحة للشرب، الكهرباء، المواصلات، والخدمات الأساسية يرفع من مستوى المعيشة ويقلل من الفقر.

الفقر في العالم العربي

تشكل ظاهرة الفقر تحديًا كبيرًا في كثير من الدول العربية، حيث تتفاوت نسب الفقر بين دولة وأخرى نتيجة عوامل متعددة منها الحروب، النزاعات، ضعف التنمية الاقتصادية، وتحديات التعليم. ولا تقتصر معاناة الفقراء في هذه المنطقة على الجانب المادي فقط، بل تتجسد في الحرمان من الخدمات الأساسية، ضعف المشاركة في المجتمع، وتفاقم مشكلات الصحة والتعليم.

تسعى العديد من الحكومات والمؤسسات العربية إلى تبني برامج مكافحة الفقر عبر سياسات دعم الفئات الضعيفة، وتحسين البنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز التعليم والتمكين الاقتصادي.

خلاصة

الفقر ظاهرة معقدة تتجاوز مفهوم نقص الدخل إلى حرمان متعدد الأبعاد يشمل الجانب الاجتماعي، الثقافي، والصحي. تعد معالجته من أولويات التنمية المستدامة لما لها من تأثير عميق على استقرار المجتمعات وتقدمها. تتطلب مواجهة الفقر استراتيجيات شاملة تتضمن تحسين التعليم، توفير فرص العمل، العدالة في توزيع الموارد، وتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية لضمان حياة كريمة لكل فرد في المجتمع.

المراجع:

1. البنك الدولي: تقرير التنمية البشرية 2023

2. منظمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDG Report 2024)