تعريف البراكين المخروطية

البراكين المخروطية: نشأتها، خصائصها، وتوزيعها الجغرافي

مقدمة

تعد البراكين من أبرز الظواهر الطبيعية التي أثارت اهتمام العلماء والباحثين منذ القدم. تختلف أنواع البراكين من حيث الشكل والآلية التي تعمل بها، ومن بين هذه الأنواع تبرز البراكين المخروطية التي تُعتبر من أكثر الأنواع شهرة. سميت البراكين المخروطية بهذا الاسم بسبب شكلها المميز الذي يشبه المخروط، وتُعرف بأنها تلك البراكين التي تنفجر بطريقة متقطعة وتنثر الحمم البركانية والرماد بشكل دائري منتظم، ما يؤدي إلى تكوّن مخروط على شكل قمة. سوف يتناول هذا المقال تعريف البراكين المخروطية، نشأتها، خصائصها، وأهم الأمثلة عليها في العالم، فضلاً عن تأثيراتها البيئية والجيولوجية.

تعريف البركان المخروطي

البركان المخروطي هو نوع من البراكين يتميز بشكله المخروطي أو الهرمي الناشئ عن تراكم الحمم البركانية المتدفقة والرماد بعد ثوران البركان. يتكون هذا الشكل نتيجة لتكرار الانفجارات التي تنفث الحمم البركانية السائلة والتي تتراكم حول فوهة البركان مكونة طبقات متعددة تلتصق ببعضها البعض. يختلف هذا النوع عن غيره من البراكين مثل البراكين الدرعية، حيث تندفع الحمم البركانية في البراكين المخروطية بشكل أكثر انفجارية، ما يؤدي إلى تكوين مخروط حاد.

تحدث هذه البراكين عادة نتيجة لضغط شديد داخل القشرة الأرضية، حيث تتجمع الغازات والمواد المنصهرة في خزان بالقرب من سطح الأرض، وعندما يتسنى لها الخروج، تتسبب في انفجارات بركانية تنتج كميات كبيرة من الحمم والرماد.

نشأة البراكين المخروطية

تتشكل البراكين المخروطية عبر ملايين السنين نتيجة لتراكم المواد المنفجرة من البركان. بعد حدوث ثورة بركانية، تتدفق الحمم من الفوهة وتبرد وتتحول إلى صخور صلبة. بمرور الوقت، تواصل الحمم المنفجرة التراكم حول الفوهة مما يؤدي إلى تكوّن شكل مخروطي تدريجي. عادة ما تكون البراكين المخروطية نشطة لفترات قصيرة نسبياً مقارنة بأنواع أخرى من البراكين، لكن يمكن أن تعاود النشاط من جديد بعد فترة راحة طويلة.

تتكون البراكين المخروطية في الغالب عند الحدود التكتونية حيث تلتقي الصفائح الأرضية وتؤدي الحركات التكتونية إلى فتح شقوق في القشرة الأرضية تتيح للصهارة بالظهور على السطح. في بعض الأحيان، يمكن أن تتشكل هذه البراكين في مناطق أخرى حيث يوجد ارتفاع في درجات الحرارة تحت سطح الأرض، ما يؤدي إلى انصهار الصخور.

خصائص البراكين المخروطية

تتمتع البراكين المخروطية بعدد من الخصائص التي تميزها عن غيرها من الأنواع البركانية. ومن أبرز هذه الخصائص:

1. الانفجارات المتفجرة: تتميز البراكين المخروطية بأنها عادة ما تكون انفجارية، حيث تنفث الحمم البركانية المندفعة عبر فوهة البركان. تختلف قوة الانفجارات من بركان لآخر، ولكنها غالبًا ما تكون شديدة وتنتج عنها كميات ضخمة من الرماد والصخور المندفعة.

2. شكل المخروط: يشتهر البركان المخروطي بوجود شكل هرمي أو مخروطي نتيجة لتراكم الحمم والرماد حول الفوهة. هذا الشكل يظهر بوضوح في العديد من البراكين المشهورة، مثل بركان فيزوف في إيطاليا.

3. الحمم السائلة: عادة ما تكون الحمم البركانية في البراكين المخروطية سائلة إلى حد ما، ما يسمح بتدفقها بشكل أسرع وتغطية مساحات واسعة من الأرض. هذا يساهم في تكوين مخروط البركان عبر عملية تراكمية.

4. التفاعلات الغازية: تحتوي الفوهات البركانية على كمية كبيرة من الغازات مثل ثاني أكسيد الكبريت والبخار والغازات الأخرى التي تسبب الانفجارات. عند تسرب هذه الغازات من داخل البركان، قد يؤدي ذلك إلى انفجارات مفاجئة.

5. التوزيع المكاني: توجد البراكين المخروطية في الغالب في مناطق ذات نشاط تكتوني عالٍ، مثل مناطق تلاقي الصفائح التكتونية أو في مناطق الانبعاجات الجيولوجية حيث تندفع الصهارة إلى السطح.

توزيع البراكين المخروطية

يتم توزيع البراكين المخروطية في مناطق عديدة من العالم، مع تركزها في بعض المناطق الجغرافية التي تتعرض بشكل متكرر للنشاط البركاني. من بين هذه المناطق:

1. حلقة النار في المحيط الهادئ: تُعد حلقة النار واحدة من أكثر المناطق التي تضم براكين مخروطية في العالم. هذه المنطقة تشمل العديد من البراكين الشهيرة مثل بركان جبل فوجي في اليابان، وبركان كراكاتوا في إندونيسيا.

2. منطقة البحر الأبيض المتوسط: تشمل هذه المنطقة براكين مشهورة مثل بركان فيزوف في إيطاليا، وبركان إتنا في جزيرة صقلية، واللذين يعتبران من أشهر البراكين المخروطية في أوروبا.

3. منطقة كولومبيا البريطانية: تعتبر بعض المناطق في كندا من الأماكن التي تضم براكين مخروطية نشطة، بما في ذلك بركان جبل أيسلندا في كولومبيا البريطانية.

4. منطقة آيسلندا: تتمتع آيسلندا بوجود عدد من البراكين المخروطية النشطة، مثل بركان هيلجا في آيسلندا، الذي يعد من أبرز البراكين في شمال أوروبا.

5. أمريكا الوسطى والجنوبية: تضم هذه المنطقة العديد من البراكين المخروطية مثل بركان سانتياجو في كوستاريكا وبركان ماسايا في نيكاراغوا.

أنواع الانفجارات في البراكين المخروطية

تختلف أنواع الانفجارات في البراكين المخروطية بناءً على عدة عوامل، مثل كمية الغازات في الصهارة، ونوع الصهارة نفسها. وهناك نوعان رئيسيان من الانفجارات التي تحدث في هذه البراكين:

1. الانفجارات الانفجارية: حيث تكون القوة الانفجارية قوية جدًا وتؤدي إلى تناثر الحمم والرماد في الهواء. هذه الانفجارات غالباً ما تكون مصحوبة بانفجارات ضخمة تؤدي إلى تشكل الأعمدة البركانية.

2. الانفجارات الهادئة: تحدث عندما تكون الصهارة أكثر سلاسة وأقل كثافة في الغازات، مما يسمح بتدفق الحمم بشكل تدريجي دون انفجارات مفاجئة.

تأثيرات البراكين المخروطية

يمكن أن يكون للبراكين المخروطية تأثيرات كبيرة على البيئة المحيطة بها. من هذه التأثيرات:

1. التدمير البيئي: يمكن أن تسبب الحمم والرماد المدمر الذي يندفع من البركان في تدمير المساحات الزراعية، وتدمير المباني والمنشآت، والتسبب في خسائر في الأرواح.

2. التأثيرات المناخية: يمكن أن تؤثر الغازات السامة التي تنبعث من البراكين المخروطية على الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تغيرات مناخية قصيرة الأجل مثل البرودة المفاجئة بسبب الرماد الذي يحجب أشعة الشمس.

3. التأثير على صحة الإنسان: يمكن أن يتسبب الرماد البركاني والغازات السامة في أضرار صحية للإنسان، بما في ذلك مشاكل في التنفس، والتهيج الجلدي، والعديد من الأمراض التنفسية.

4. إعادة تشكيل المناظر الطبيعية: على المدى الطويل، تساهم البراكين المخروطية في تكوين معالم جيولوجية جديدة، بما في ذلك الجبال البركانية والسهول التي تشكل جزءًا من التضاريس الطبيعية.

أمثلة على البراكين المخروطية

1. بركان فيزوف: يقع في إيطاليا وهو من أشهر البراكين المخروطية في العالم. عرف بثورانه المدمر في العام 79 ميلادي الذي دمر مدينة بومبي.

2. بركان جبل فوجي: يعد من أبرز البراكين المخروطية في اليابان، ويشتهر بجماله الطبيعي كأحد الرموز الوطنية للبلاد.

3. بركان إتنا: يقع في جزيرة صقلية في إيطاليا وهو أحد أكثر البراكين المخروطية نشاطًا في أوروبا.

4. بركان كراكاتوا: يقع بين جزر جاوا وسومطرة في إندونيسيا، ويشتهر بثورانه المروع عام 1883 الذي تسبب في كارثة كبيرة.

الختام

تعد البراكين المخروطية من الظواهر الطبيعية المثيرة للاهتمام من حيث تكوينها وتأثيراتها. رغم التحديات البيئية التي قد تطرأ نتيجة لهذه البراكين، إلا أنها تساهم في تجديد الأرض وتشكيل معالم جيولوجية جديدة.