“Building Expert Systems” (تطوير الأنظمة الخبيرة)، الذي أُلف بواسطة فريدريك هايز-روث، يُعد واحدًا من الأعمال الرائدة في مجال الهندسة المعرفية، وقد تم نشره في يوليو من عام 1983 بواسطة دار نشر أديسون ويسلي. الكتاب ينتمي إلى فئة الحواسيب العامة، وهو يقدم نظرة عميقة وشاملة حول تصميم وتطوير الأنظمة الخبيرة، والتي تُعتبر نوعًا مهمًا من أنواع الذكاء الاصطناعي.
في سياق البحث عن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، برزت الأنظمة الخبيرة كأحد الفروع الأساسية التي تستخدم في معالجة المعلومات واتخاذ القرارات بناءً على قاعدة معرفية متخصصة. يغطي الكتاب أساسيات هذه الأنظمة بدءًا من تعريف النظام الخبير، وصولاً إلى تصميمه وتنفيذه.
الأنظمة الخبيرة، كما يوضح هايز-روث، هي برامج كمبيوتر متطورة تمتلك القدرة على اتخاذ القرارات في مستويات مشابهة للخبراء البشريين في مجالات محددة. هذه الأنظمة تُبنى عادة باستخدام قاعدة معرفية تضم حقائق وقواعد تتعلق بمجال المعرفة المستهدف، بالإضافة إلى محرك استدلال يقوم بتطبيق هذه القواعد على الحقائق المدخلة لتوليد استنتاجات وتقديم النصائح أو الحلول.
يُعالج الكتاب كيفية جمع المعرفة وتنظيمها ضمن الأنظمة الخبيرة. يُبيّن الطرق التي يمكن بها تحويل المعرفة الصامتة للخبراء إلى قواعد وحقائق يمكن للكمبيوتر التعامل معها. يتم هذا عن طريق عمليات التقصي والمقابلات مع الخبراء ومن ثم استخدام تقنيات الهندسة المعرفية لصياغة هذه المعلومات بأسلوب يتناسب مع الأنظمة الآلية.
كما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه تطوير الأنظمة الخبيرة، مثل الحاجة إلى تحديث المعرفة باستمرار وصعوبة تقييم النصائح التي تقدمها هذه الأنظمة بموضوعية. يُناقش الكتاب أيضًا أهمية وجود واجهات مستخدم متقدمة تسمح بتفاعل سلس بين الأنظمة الخبيرة ومستخدميها.
أهمية الكتاب تأتي من كونه يقدم نظرة شاملة للأسس التي تقوم عليها الأنظمة الخبيرة، التي لا تزال تلعب دوراً كبيراً في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي حتى اليوم. يتم توظيف هذه الأنظمة في مجالات عدة مثل التشخيص الطبي، التنبؤ بالأحوال الجوية، التحليلات المالية وغيرها من التطبيقات التي تتطلب تحليلاً عميقاً ومتخصصاً.
كتاب “تطوير الأنظمة الخبيرة” يُعد مرجعاً هاماً للباحثين والمطورين في مجال الذكاء الاصطناعي، فهو يوفر أساساً متيناً لفهم كيفية عمل هذه الأنظمة والمبادئ التي ترشد عمليات التصميم والتطوير لها. كما يُعد الكتاب نافذة على فترة تاريخية مهمة في تطور الحوسبة والذكاء الاصطناعي، حيث يقدم رؤى على التحديات والإنجازات التي شكلت هذا المجال في الثمانينات، وما زالت تأثيراته