في سياق ثقافة الهيب هوب، يظهر الراب كفرع فني يعكس تجارب وآمال الشباب، وتحدياتهم اليومية. تأسس هذا الفن في الولايات المتحدة كوسيلة للتعبير عن قضايا العنصرية والظلم والفقر التي كان يواجهها الأمريكيون الأفارقة. وفي سياق مصر، عرف الراب نشأته في عام 1998 من خلال مبادرات فنية تمثلت في فرق شبابية مثل “واي كرو” و “إيجي راب سكول”.
تعكس خطوات الراب في مصر تطورًا بطيئًا في بدايته، حيث كانت الجماهير محدودة ومحصورة بين الصانعين والمبدعين. ورغم وجود بعض الأغاني التي ساهمت في إبراز بعض اللمحات الفنية، مثل ظهور فرقة “إم تي إم” وأغنية “أمي مسافرة”، فإن هذه اللحظات لم تحدث تغييرًا كبيرًا في مسار الراب في مصر. وكانت الوسيلة الرئيسية لانتشار الأغاني هي المنتديات الإلكترونية وصفحات الفيس بوك، ومن ثم عبر منصة “SoundCloud”.
مع تغيرات الحياة في مصر بعد الثورة، شهد الراب تطورًا إيجابيًا بين الشباب. بالرغم من أن هذا التطور لم يكن كبيرًا بشكل فوري، إلا أنه أسهم في تشكيل جيل جديد من الرابرز. كانت الثورة تعد خطوة بسيطة نحو تطور الراب في مصر، وقد أصبح لبعض الفنانين مثل أحمد مكي وأحمد ناصر الجوكر شعبية بين المستمعين.
ومع ذلك، لم يكن للتأثير الثقافي الذي أحدثته تلك الشخصيات تأثير مباشر على الراب في مصر، بل كان له تأثير غير مباشر كتعريف لبعض جوانب الراب والمدرسة القديمة. في عام 2017، شهدت الساحة الفنية ظهور عدد من الرابرز الواعدين مثل اليوسف، مروان بابلوا، ويجز، ومروان موسى، الذين استوعبوا تميز الراب كوسيلة فنية تفتح أفقًا للتعبير الحر عن الذات وتعكس طموحات وآمال الشباب في تلك الفترة.
المزيد من المعلومات
تتجسد خصوصية الراب في مصر بمزيجها الفريد من اللغة والأسلوب، حيث يعبر الرابرز عن تجاربهم ورؤاهم بشكل شديد الصراحة. يظهر الراب في مصر كوسيلة فنية تتنوع فيها المواضيع بين الاجتماعية، السياسية، والشخصية. يقوم الراب بتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، ويعكس تجارب الشباب في مواجهة التحديات الحديثة.
على الرغم من أن بدايات الراب في مصر كانت تحتاج إلى وقت لتجاوز مرحلة النشوء، إلا أنه في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة الرابية زخمًا ملحوظًا. ازدادت الفرق والفنانين الفرديين الذين يعتمدون على الراب كوسيلة للتعبير عن أنفسهم وللوصول إلى جمهور أوسع.
الراب في مصر لا يقتصر فقط على الموسيقى، بل يتسع نطاقه ليشمل العروض المسرحية وورش العمل الفنية، حيث يشارك الشباب المهتم في تطوير مهاراتهم والتعبير عن أفكارهم من خلال وسائل متعددة.
على صعيد الإنتاج، يشكل الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي الطريقة الرئيسية لانتشار أعمال الراب، مما يساعد في توسيع الجمهور وتعزيز التفاعل بين الرابرز ومستمعيهم. وقد أصبحت منصات مثل YouTube وSoundCloud وInstagram أدوات أساسية لتسويق الأعمال الفنية وبناء جمهور قوي.
في الختام، يتجلى الراب في مصر كتعبير فني متنوع وحيوي، ينعكس فيه صوت الشباب وثقافتهم، ويسهم في تشكيل الحوار الفني والاجتماعي في هذا البلد.