تضخم القولون: الأسباب، الأنواع، الأعراض، التشخيص، والعلاج

يُعد تضخم القولون من الاضطرابات الخطيرة التي تصيب الجهاز الهضمي، ويُقصد به التوسع غير الطبيعي في قطر القولون نتيجة لتراكم الغازات أو البراز أو بسبب ضعف عضلات الأمعاء. ويؤثر هذا الاضطراب بشكل كبير على الوظائف الهضمية، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات تهدد الحياة. يُعتبر تضخم القولون ليس مرضًا بحد ذاته، بل نتيجة نهائية لمجموعة من الأمراض أو الحالات الأخرى، ويُصنف إلى عدة أنواع تختلف باختلاف السبب المباشر. ويُمكن أن يكون تضخم القولون حادًا أو مزمنًا، وقد يحدث بشكل مفاجئ أو تدريجي. يهدف هذا المقال إلى تقديم دراسة شاملة ومعمقة عن هذا الاضطراب من حيث أسبابه، أنواعه، أعراضه، طرق تشخيصه، وأساليب العلاج والتعامل مع مضاعفاته.

ما هو تضخم القولون؟

تضخم القولون (Megacolon) هو مصطلح طبي يُطلق على اتساع غير طبيعي في قطر الأمعاء الغليظة، وخاصة القولون المستعرض أو القولون السيني، بحيث يتجاوز القطر الطبيعي للقولون 6 سنتيمترات. يمكن أن يحدث هذا الاتساع نتيجة لعدة أسباب مثل خلل في حركة الأمعاء، انسداد ميكانيكي، أو اضطرابات عصبية عضلية تؤثر على جدران القولون. يُعتبر تضخم القولون حالة طبية طارئة عندما يكون حادًا ومصحوبًا بأعراض التسمم المعوي أو تهديد بانثقاب القولون.

أنواع تضخم القولون

1. تضخم القولون السمي (Toxic Megacolon)

يُعد من أخطر أنواع تضخم القولون، ويحدث غالبًا كمضاعفة خطيرة لأمراض التهابية مزمنة مثل التهاب القولون التقرحي أو داء كرون. يتسم هذا النوع بوجود علامات تسممية كارتفاع الحرارة، تسارع نبضات القلب، انخفاض ضغط الدم، إضافة إلى تمدد ملحوظ في القولون، وغالبًا ما يتطلب تدخلًا جراحيًا عاجلًا لتجنب الانثقاب والوفاة.

2. تضخم القولون الخلقي (Congenital Megacolon أو داء هيرشسبرونغ)

ينشأ هذا النوع نتيجة لغياب الخلايا العصبية في جزء من القولون منذ الولادة، مما يؤدي إلى عدم قدرة هذا الجزء على التقلص ودفع البراز، وهو أكثر شيوعًا عند الذكور ويظهر غالبًا في مرحلة الطفولة المبكرة.

3. تضخم القولون المزمن (Chronic Megacolon)

يتطور ببطء نتيجة لحالات مثل الإمساك المزمن أو أمراض الأعصاب الطرفية أو داء السكري أو بعد إجراء جراحات في الحوض. قد لا تظهر أعراض حادة في البداية، لكن مع مرور الوقت يحدث اتساع تدريجي في القولون مع ضعف قدرته على الإفراغ.

4. تضخم القولون الحاد غير السمي (Acute Non-Toxic Megacolon أو متلازمة أوغيلفي)

يحدث هذا النوع نتيجة شلل وظيفي في عضلات القولون دون وجود التهاب أو سمية. غالبًا ما يظهر لدى المرضى المنومين بالمستشفيات لفترات طويلة أو بعد العمليات الجراحية الكبرى أو نتيجة لاستخدام أدوية مثل مضادات الذهان أو الأفيونات.

الأسباب والعوامل المؤدية لتضخم القولون

الأسباب الرئيسية:

الأعراض والعلامات السريرية

تعتمد الأعراض على نوع تضخم القولون وشدته. وقد تتراوح بين أعراض بسيطة كالإمساك وانتفاخ البطن، إلى أعراض شديدة تهدد الحياة مثل الحمى والتسمم المعوي. فيما يلي أبرز الأعراض المرتبطة بكل نوع:

أعراض شائعة في جميع الأنواع:

• انتفاخ وألم في البطن

• إمساك مزمن أو عدم القدرة على التبرز

• نقص الشهية

• الغثيان والتقيؤ

• الشعور بالامتلاء المستمر

أعراض خاصة بتضخم القولون السمي:

• ارتفاع درجة الحرارة

• تسارع ضربات القلب

• انخفاض ضغط الدم

• تشوش ذهني

• ألم شديد في البطن

• احتمال ظهور دم في البراز

أعراض تضخم القولون الخلقي عند الأطفال:

• تأخر إخراج العقي بعد الولادة

• انتفاخ شديد في البطن

• إمساك مقاوم للعلاج

• ضعف النمو وزيادة الوزن

آليات التشخيص

يتطلب تشخيص تضخم القولون تقييمًا سريريًا دقيقًا يتضمن التاريخ الطبي الكامل والفحص الجسدي، إلى جانب استخدام تقنيات التصوير الطبي والفحوصات المخبرية. من أبرز الوسائل التشخيصية:

1. الأشعة السينية للبطن (Plain Abdominal X-ray)

تُظهر توسعًا في القولون ويمكن من خلالها تحديد قطر القولون وتقييم وجود الهواء الحُر في حالة الانثقاب.

2. التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan)

يُستخدم لتحديد مدى الاتساع وتقييم المضاعفات كالتهاب الغشاء البريتوني أو الانثقاب.

3. تنظير القولون (Colonoscopy)

يساعد في استبعاد الأسباب العضوية مثل الأورام أو الانسداد الميكانيكي، ويُستخدم بحذر عند الشك بتضخم سمي.

4. خزعة القولون

خاصة لتشخيص داء هيرشسبرونغ أو استبعاد السرطان في حالات التضخم المزمن.

5. اختبارات الدم

تشمل العد الدموي الكامل، مؤشرات الالتهاب (CRP وESR)، وظائف الكبد والكلى، والكهارل.

المضاعفات المحتملة

يُمكن أن يؤدي تضخم القولون غير المعالج إلى عدد من المضاعفات الخطيرة، من أبرزها:

• انثقاب القولون: نتيجة الضغط العالي داخل القولون.

• الالتهاب البريتوني: تسرب محتوى الأمعاء إلى التجويف البطني.

• الصدمة الإنتانية: في حالات تضخم القولون السمي.

• انسداد الأمعاء: خصوصًا في داء هيرشسبرونغ أو التضخم المزمن.

• سوء التغذية: بسبب فقدان الشهية وسوء الامتصاص.

• فشل متعدد في الأعضاء: نتيجة الالتهاب والتسمم الشامل.

العلاج

يعتمد العلاج على نوع تضخم القولون وسببه، وتتراوح خيارات العلاج بين التدابير الدوائية والإجراءات غير الجراحية، وصولًا إلى الجراحة.

1. العلاج المحافظ

يُستخدم في حالات التضخم غير السمي والمزمن، ويتضمن:

• الصيام عن الطعام: لإراحة الأمعاء.

• السوائل الوريدية: لتعويض فقدان السوائل.

• تصحيح اضطرابات الكهارل.

• إيقاف الأدوية المسببة.

• تحفيز حركة الأمعاء باستخدام أدوية محفزة للحركة (مثل النيوستيغمين في متلازمة أوغيلفي).

2. العلاج الدوائي

• مضادات حيوية واسعة الطيف: في حالات التضخم السمي.

• الستيرويدات: لعلاج الالتهابات المناعية مثل التهاب القولون التقرحي.

• الأدوية الملينة: لعلاج الإمساك المزمن ولكن تحت إشراف طبي.

3. العلاج الجراحي

يُعتبر التدخل الجراحي ضروريًا في الحالات التالية:

• فشل العلاج المحافظ

• وجود علامات انثقاب أو التهاب بريتوني

• تضخم سمي لا يستجيب للعلاج

• داء هيرشسبرونغ

وتشمل الإجراءات:

• استئصال الجزء المصاب من القولون.

• فغر القولون المؤقت أو الدائم في بعض الحالات المعقدة.

الوقاية

الوقاية من تضخم القولون تعتمد بشكل رئيسي على تجنب مسبباته وعلاج العوامل المؤهبة في وقت مبكر. ومن أهم إجراءات الوقاية:

• التحكم في الأمراض الالتهابية المعوية.

• علاج الإمساك بشكل مبكر ودائم.

• متابعة استخدام الأدوية ذات التأثير على حركة القولون.

• التغذية السليمة الغنية بالألياف.

• المتابعة الدورية للمرضى المعرضين لتضخم القولون.

جدول يقارن بين الأنواع المختلفة لتضخم القولون

المصادر والمراجع

1. Harrison’s Principles of Internal Medicine, 21st Edition. McGraw-Hill Education.

2. National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases (NIDDK) – www.niddk.nih.gov