الدول المحظورة من أمريكا

الدول المحظورة من الولايات المتحدة الأمريكية: قائمة شاملة وتحليل سياسي واقتصادي

تتبع الولايات المتحدة الأمريكية سياسة خارجية تقوم على مزيج من المبادئ الليبرالية والمصالح الاستراتيجية والأمنية، وتستند إلى أدوات متعددة، من ضمنها العقوبات الاقتصادية، التجارية، والمالية. هذه العقوبات تستهدف حكومات أو أفراد أو كيانات أو دول بكاملها، وتُفرض إما عبر قرارات تنفيذية من الرئيس أو تشريعات صادرة عن الكونغرس أو عبر قرارات وزارة الخزانة، وتحديداً من خلال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC). تهدف هذه الإجراءات إلى الضغط السياسي أو الاقتصادي، أو كرد فعل على أنشطة تُعتبر تهديداً للمصالح الأمريكية أو الدولية، مثل دعم الإرهاب، انتهاك حقوق الإنسان، أو تطوير أسلحة دمار شامل.

فيما يلي عرض مفصل لجميع الدول التي تخضع لعقوبات أمريكية شاملة أو جزئية، مع تحليل لأسباب تلك العقوبات، مجالاتها، وتأثيراتها على المستويين المحلي والدولي.

أولاً: كوريا الشمالية

تُعد كوريا الشمالية من أكثر الدول تعرضاً للعقوبات الأمريكية، سواء من حيث شموليتها أو حدّتها. بدأت العقوبات الأمريكية ضد كوريا الشمالية منذ خمسينيات القرن العشرين، لكنها تصاعدت بعد اختبارات بيونغ يانغ النووية والصاروخية المتكررة.

أسباب العقوبات:

• تطوير واختبار أسلحة نووية وصواريخ باليستية.

• انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة.

• دعم نشاطات إلكترونية عدائية (هجمات سيبرانية).

• تهريب الأسلحة وتجاوز قرارات الأمم المتحدة.

مجالات العقوبات:

• حظر تام على التبادل التجاري.

• تجميد الأصول المالية.

• عقوبات على كيانات وشركات تتعاون مع بيونغ يانغ.

التأثيرات:
أدت هذه العقوبات إلى عزلة اقتصادية شبه تامة، واعتماد النظام على السوق السوداء والدعم الصيني المحدود.

ثانياً: إيران

العلاقة بين إيران والولايات المتحدة مضطربة منذ ثورة 1979 واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين في طهران. وقد تصاعدت العقوبات بشكل كبير بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.

أسباب العقوبات:

• برنامج إيران النووي.

• دعمها لجماعات مسلحة مصنفة إرهابية كحزب الله والحوثيين.

• تطوير الصواريخ الباليستية.

• انتهاك حقوق الإنسان.

مجالات العقوبات:

• قطاع النفط والطاقة.

• النظام المصرفي والبنك المركزي الإيراني.

• تجارة الذهب والمعادن الثمينة.

• شحن وتصدير البضائع.

التأثيرات:
أثّرت العقوبات بشكل مباشر على الاقتصاد الإيراني، وتسببت في انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم.

ثالثاً: سوريا

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على النظام السوري منذ عام 1979، لكنها توسعت بشدة بعد عام 2011 بسبب القمع الدموي للمظاهرات الشعبية.

أسباب العقوبات:

• قمع المدنيين أثناء الثورة السورية.

• استخدام الأسلحة الكيميائية.

• علاقات سوريا مع إيران وحزب الله.

• دعم الإرهاب بحسب التصنيف الأمريكي.

مجالات العقوبات:

• حظر التعاملات الاقتصادية.

• تجميد أصول الدولة السورية والمسؤولين.

• عقوبات على قطاع النفط والبنوك.

قانون قيصر:
في عام 2020، دخل قانون “قيصر” حيز التنفيذ، موسعًا دائرة العقوبات لتشمل أي شخص أو كيان يقدّم دعماً للنظام السوري.

رابعاً: روسيا

تخضع روسيا لمجموعة كبيرة من العقوبات الأمريكية، والتي تصاعدت بعد التدخل الروسي في أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، وبلغت ذروتها بعد الاجتياح الشامل لأوكرانيا عام 2022.

أسباب العقوبات:

• التدخل العسكري في أوكرانيا.

• التدخل في الانتخابات الأمريكية.

• التجسس السيبراني.

• انتهاك حقوق الإنسان.

• تسميم المعارضين.

مجالات العقوبات:

• تجميد أصول البنوك الروسية الكبرى.

• حظر تصدير التكنولوجيا المتقدمة.

• حظر استيراد الطاقة الروسية في بعض الحالات.

• عقوبات على شركات الدفاع والطيران.

التأثيرات:
أثّرت العقوبات بشكل كبير على الاقتصاد الروسي، لكنها لم توقف النشاط العسكري أو السياسي الروسي في أوكرانيا حتى الآن.

خامساً: كوبا

منذ عام 1960، فرضت الولايات المتحدة حظراً تجارياً شبه شامل على كوبا، بعد الثورة الكوبية التي أوصلت فيدل كاسترو إلى الحكم، وتحالفه مع الاتحاد السوفييتي.

أسباب العقوبات:

• تبني النظام الشيوعي وتحالفه مع الاتحاد السوفييتي.

• قمع الحريات وحقوق الإنسان.

• دعم الجماعات الثورية في أمريكا اللاتينية.

مجالات العقوبات:

• حظر تجاري شامل.

• منع الأمريكيين من الاستثمار أو السفر لأغراض سياحية.

• قيود مالية ومصرفية.

التطورات:
في عهد أوباما، شهدت العلاقات تقاربًا محدودًا، لكن إدارة ترامب أعادت تشديد العقوبات، واستمرت في ذلك إدارة بايدن.

سادساً: فنزويلا

العقوبات الأمريكية على فنزويلا ارتبطت بشكل أساسي بالنظام الاشتراكي بقيادة هوغو تشافيز ومن ثم نيكولاس مادورو، خاصة بعد اتهامات بتزوير الانتخابات وانتهاكات حقوق الإنسان.

أسباب العقوبات:

• قمع المعارضة السياسية.

• فساد مالي واسع النطاق.

• انهيار النظام الديمقراطي.

• التلاعب في نتائج الانتخابات الرئاسية.

مجالات العقوبات:

• قطاع النفط والغاز.

• البنك المركزي الفنزويلي.

• حظر تعامل الشركات الأمريكية مع الحكومة الفنزويلية.

• تجميد أصول كبار المسؤولين.

التأثيرات:
انهار الاقتصاد الفنزويلي بشكل شبه كامل، وحدثت موجة هجرة جماعية، لكن النظام بقي صامداً بمساعدة دول مثل روسيا والصين.

سابعاً: بيلاروسيا

تخضع بيلاروسيا لعقوبات أمريكية متزايدة بسبب سياسات الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، المعروف بقبضته الحديدية على الحكم.

أسباب العقوبات:

• قمع المظاهرات المطالبة بالديمقراطية.

• تزوير الانتخابات.

• دعم روسيا في حرب أوكرانيا.

مجالات العقوبات:

• شركات الدولة الرئيسية.

• كبار المسؤولين في الحكومة.

• قطاع الأسمدة الكيماوية والطيران.

ثامناً: السودان (سابقاً)

كان السودان مدرجاً في قائمة الدول الراعية للإرهاب من عام 1993 حتى عام 2020، ما جعله عرضة لعقوبات أمريكية شاملة.

أسباب العقوبات (سابقاً):

• استضافة زعماء تنظيمات إرهابية (مثل بن لادن).

• دعم الإرهاب في أفريقيا.

• انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور.

رفع العقوبات:
في عام 2020، وبعد تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتحسن في مسار الحكم المدني، أزالت واشنطن اسم السودان من قائمة الإرهاب.

جدول يوضح ملخص العقوبات حسب الدولة

الخلاصة التحليلية

تُظهر السياسة الأمريكية في فرض العقوبات تركيزًا على قضايا الأمن الدولي، النظام العالمي الليبرالي، وحقوق الإنسان، لكنها غالبًا ما تكون أداة جدلية. فبينما تؤكد الولايات المتحدة أنها أداة للضغط من أجل التغيير، يرى آخرون أنها تُستخدم لخدمة المصالح الجيوسياسية، وتُعاقب شعوبًا كاملة بدلًا من النُخب الحاكمة.

غالبًا ما تكون العقوبات الأمريكية من جانب واحد (أحادية)، لكن في بعض الحالات، تُفرض ضمن تحالفات دولية أو بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة. وتُعتبر العقوبات الأمريكية فعالة خصوصًا عندما تُستخدم بالتوازي مع النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه واشنطن، من خلال الدولار ونظام SWIFT.

لكنها لا تخلو من الانتقادات، لا سيما تلك المتعلقة بتأثيرها السلبي على الاقتصاديات المحلية، قطاعات الصحة والتعليم، وأحيانًا تُستخدم كذريعة للأنظمة المستبدة لتبرير فشلها أمام شعوبها.

المراجع:

1. وزارة الخزانة الأمريكية – مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC): https://home.treasury.gov

2. مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي (CFR) – تحليل العقوبات الاقتصادية: https://www.cfr.org