مقال عن كتاب “تصرّفي كسيّدة وفكّري كرجُل”
كتاب “تصرّفي كسيّدة وفكّري كرجُل” هو واحد من الأعمال الأدبية التي تلعب على الجمع بين الفكر التحليلي والتوجيهات النفسية في سياق علاقات الرجل والمرأة. الكتاب، الذي كتبته المؤلفة الفرنسية باسكال بويول، يعد بمثابة مرشد للأفراد الذين يسعون لتحقيق توازن دقيق بين العواطف والسلوكيات التي تتأثر بالجنس والهوية الاجتماعية. بينما يروج الكتاب لفكرة أن المرأة يجب أن تتصرف بأسلوب أنثوي وتفكر بطريقة عقلانية مشابهة للرجل في مواقف الحياة المختلفة، فإنه يقدم أيضًا العديد من الأفكار التي تعكس فكرًا غير تقليدي في نظرته إلى العلاقة بين الجنسين.
الفكرة الرئيسية للكتاب
أحد العناصر الأساسية التي يستعرضها الكتاب هو فكرة أن التفكير المنطقي والتحليل المعقلن ليس محصورًا في الذكور، كما أن النساء يمكنهنَّ استخدام هذا النوع من التفكير في جميع جوانب حياتهن. وعلى الرغم من أن المجتمع قد جبل المرأة على العاطفة والحدس، إلا أن بويول تدعو النساء إلى التحلي بالعقلانية والمنطق في تعاملاتهن اليومية. يقدم الكتاب دعوة لتمكين المرأة من خلال دمج أسلوب حياتها الأنثوي الطبيعي مع التفكير الذكوري الذي يتسم بالحكمة الاستراتيجية، بعيدًا عن الانجراف وراء العواطف الزائدة.
فصل الذكورة عن الأنوثة
من خلال تأكيدها على ضرورة أن تفكر النساء كما يفكر الرجال، لا تعني المؤلفة في هذا الكتاب أن على النساء التخلي عن خصائصهن الأنثوية. بالعكس، تسعى إلى إثبات أنه لا يوجد تناقض بين التصرّف كسيّدة وبين التفكير بشكل عملي وتحليلي. تشجع الكتاب النساء على استخدام المواقف التي يتعرضن لها في الحياة بشكل استراتيجي ومؤثر، مما يعكس فكرة أن المرأة تستطيع أن توازن بين القوة العاطفية والقدرة العقلية في جميع قراراتها، سواء كانت متعلقة بالعمل أو العلاقات الشخصية.
التحديات التي تواجه المرأة
يتناول الكتاب عدة قضايا تتعلق بالتحديات الاجتماعية التي تواجهها النساء في المجتمع المعاصر. فالتوقعات التقليدية تتطلب من المرأة أن تتصرف بشكل أنثوي، وهو ما قد يحد من قدرتها على اتخاذ قرارات عقلانية ومبنية على المنطق البحت. بناءً على ذلك، يقدم الكتاب حلولًا عملية تستند إلى تحسين القدرة على اتخاذ القرارات من خلال تنمية الذكاء العاطفي والعقلي في آن واحد.
على سبيل المثال، تطرح المؤلفة ضرورة التفكير بعيدًا عن ردود الفعل العاطفية الفورية في مواقف معينة. بدلاً من التصرف بدافع من العواطف التلقائية، يُنصح أن تركز المرأة على تحليل المواقف وموازنة جوانبها المختلفة قبل اتخاذ أي خطوة. هذا الأمر يمكن أن يسهم في تحسين وضع المرأة سواء في مجال عملها أو في تفاعلها مع المحيطين بها، حيث ستتمكن من الرد بشكل أكثر حكمة وموضوعية.
العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة
لا يقتصر الكتاب على تقديم نصائح في الحياة العملية فقط، بل يتطرق أيضًا إلى العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة. تركز بويول على الاختلافات الجوهرية بين كيفية تفكير الرجل وكيفية تفكير المرأة، والتي يمكن أن تؤدي إلى سوء تفاهم في كثير من الأحيان. بينما تكون النساء عادة أكثر تأثرًا بالعواطف في تفاعلاتهن، فإن الرجال يميلون إلى تبني مواقف منطقية وبعيدة عن العاطفة عندما يتخذون قرارات في علاقاتهم. ولهذا، يقدم الكتاب للنساء نصائح عديدة حول كيفية تفسير سلوكيات الرجال وتفكيرهم بطريقة موضوعية، مما يساعدهنَّ على التعامل مع المواقف العاطفية بطريقة أكثر نضجًا وواقعية.
كما أن الكتاب يشير إلى أهمية أن تكون المرأة قادرة على التمييز بين الحاجة إلى التعبير عن عواطفها وبين الاستجابة للمواقف بحسابات عقلانية. العلاقات بين الرجل والمرأة تحتاج إلى توازن دقيق بين هذه العناصر: العاطفة والذكاء العاطفي والعقلانية.
الاستقلالية والتمكين
من المواضيع الجوهرية التي يعالجها الكتاب أيضًا هي الاستقلالية وتمكين المرأة. إذ تشدد بويول على ضرورة أن تتجاوز المرأة دور “الضحية” أو “التابعة” وأن تتحلى بالقوة العقلية في اتخاذ القرارات. تشجع الكتاب النساء على تبني تفكير إيجابي وواقعي تجاه الحياة، بحيث يصبحن قادرات على تحديد أهدافهنَّ واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيقها دون التأثر بالأحكام الاجتماعية التقليدية أو الضغوط المجتمعية.
الاستقلالية التي تدعو إليها بويول في الكتاب ليست فقط على الصعيد المادي والمهني، بل تشمل أيضًا الجانب العاطفي. فلكي تكون المرأة قوية في علاقاتها الشخصية، عليها أن تمتلك قدرة على تحديد أولوياتها وتوجيه مشاعرها وعواطفها بشكل مدروس ومنظم.
تفكيك الصورة النمطية للجنسين
يفتح الكتاب مساحة كبيرة للتفكير في كسر الصورة النمطية التي تتعلق بتصورات المجتمع للجنسين. فمن خلال دعوته للنساء أن يفكرن مثل الرجال، فإنه يشجع على التفكير خارج القوالب النمطية التي تحدد أدوار المرأة بشكل محدد في المجتمع. فكرة الكتاب تقوم على إيمان المؤلفة بقدرة النساء على التنقل بين خصائص الأنوثة والذكورة في سلوكهن، مما يعزز قدرة المرأة على التكيف مع متطلبات الحياة المختلفة بطريقة أكثر مرونة.
الخلاصة
يعتبر كتاب “تصرّفي كسيّدة وفكّري كرجُل” دعوة للنساء لإعادة التفكير في الطريقة التي يتعاملن بها مع الحياة والمجتمع. فهو يشير إلى أن المرأة يجب أن تكون قادرة على التنقل بين عالم العواطف والأحاسيس وعالم العقلانية والتفكير الاستراتيجي. الكتاب لا يطالب المرأة بالتخلي عن أنوثتها، بل بالعكس، هو يشجعها على تعزيز خصائصها الأنثوية بالتفكير العقلاني. من خلال هذا التوازن، يمكن للمرأة أن تتعامل مع تحديات الحياة بشكل أكثر قوة وفاعلية، مما يسهم في تحسين مكانتها الاجتماعية والمهنية.
