تشخيص مرض السكري: نظرة شاملة على الطرق والاختبارات
يعد مرض السكري من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً في العالم، وهو يتطلب متابعة دقيقة وتشخيصاً دقيقاً في مراحل مبكرة لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة. يعتمد تشخيص مرض السكري على مجموعة من الاختبارات والطرق التي تساعد الأطباء في تحديد ما إذا كان الشخص مصاباً بالسكري أم لا، كما تساهم هذه الاختبارات في تحديد نوع المرض ومدى تقدمه. في هذا المقال، سنتناول جميع جوانب تشخيص مرض السكري بشكل مفصل، بداية من المفاهيم الأساسية عن المرض وصولاً إلى طرق التشخيص المختلفة.
ما هو مرض السكري؟
مرض السكري هو حالة مرضية تتمثل في ارتفاع مستويات السكر (الجلوكوز) في الدم بشكل غير طبيعي. يحدث ذلك إما نتيجة نقص في إفراز الأنسولين أو بسبب مقاومة الجسم للأنسولين، وهو الهرمون الذي يساعد في تحويل السكر والدهون والبروتينات إلى طاقة. يمكن تقسيم مرض السكري إلى نوعين رئيسيين:
-
السكري من النوع الأول: يحدث عندما لا يستطيع البنكرياس إنتاج الأنسولين بشكل كافٍ أو قد يتوقف عن إنتاجه تماماً.
-
السكري من النوع الثاني: يحدث عندما لا يستطيع الجسم استخدام الأنسولين بشكل صحيح، مما يؤدي إلى مقاومة الأنسولين.
بالإضافة إلى ذلك، يوجد نوع آخر من السكري يسمى سكري الحمل، الذي يصيب بعض النساء أثناء الحمل ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية للأم والطفل.
أعراض مرض السكري
قبل الحديث عن طرق التشخيص، من المهم فهم الأعراض التي قد تشير إلى وجود السكري. من بين الأعراض الرئيسية التي قد يعاني منها المصاب بمرض السكري:
-
العطش الزائد.
-
التبول المتكرر.
-
الجوع المفرط.
-
الضعف العام.
-
تشوش الرؤية.
-
بطء التئام الجروح.
-
فقدان الوزن غير المبرر.
-
الشعور بالإعياء المستمر.
إذا كانت هذه الأعراض موجودة، يجب على الشخص استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة لتحديد ما إذا كان مصاباً بالسكري أو لا.
الطرق المستخدمة في تشخيص مرض السكري
تشخيص مرض السكري يعتمد على مجموعة من الفحوصات والاختبارات التي تقوم بقياس مستويات السكر في الدم. هناك العديد من الفحوصات التي يمكن إجراؤها لتشخيص السكري، ولكل منها ميزاته وعيوبه. سنعرض الآن أبرز الطرق المستخدمة لتشخيص مرض السكري.
1. فحص مستوى الجلوكوز في الدم الصائم
يعتبر فحص مستوى الجلوكوز في الدم الصائم (Fasting Blood Glucose) من أبسط وأهم الفحوصات المستخدمة في تشخيص مرض السكري. يتطلب هذا الفحص أن يكون الشخص قد صام لمدة 8 ساعات على الأقل قبل إجراء التحليل. إذا كانت قراءة الجلوكوز في الدم أعلى من المعدل الطبيعي، فإن الشخص قد يكون مصاباً بالسكري أو في مرحلة ما قبل السكري.
-
معدل السكر الطبيعي في الدم: أقل من 100 ملغ/ديسيلتر.
-
مرحلة ما قبل السكري: بين 100 و125 ملغ/ديسيلتر.
-
السكري: 126 ملغ/ديسيلتر أو أكثر في اختبارين منفصلين.
2. اختبار الهيموجلوبين السكري (HbA1c)
اختبار الهيموجلوبين السكري (أو HbA1c) هو اختبار دم يقيس متوسط مستويات السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية. يُستخدم هذا الاختبار لتشخيص مرض السكري، وكذلك لمراقبة استجابة المريض للعلاج. يعتبر اختبار HbA1c بديلاً جيداً لفحص مستوى الجلوكوز في الدم الصائم لأنه لا يتطلب صياماً.
-
معدل HbA1c الطبيعي: أقل من 5.7%.
-
مرحلة ما قبل السكري: بين 5.7% و6.4%.
-
السكري: 6.5% أو أكثر.
يعد اختبار HbA1c مفيداً لأنه يوفر صورة شاملة عن مستوى السكر في الدم، ولكنه لا يكشف عن مستويات السكر في فترات معينة من اليوم.
3. اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (OGTT)
يعتبر اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (Oral Glucose Tolerance Test – OGTT) من الفحوصات الدقيقة لتشخيص السكري، حيث يتم قياس مستوى السكر في الدم بعد صيام الشخص لمدة 8 ساعات، ثم يُعطى المريض مشروباً يحتوي على 75 غراماً من الجلوكوز، ويتم قياس مستويات السكر في الدم بعد مرور ساعتين.
-
معدل السكر الطبيعي: أقل من 140 ملغ/ديسيلتر بعد ساعتين.
-
مرحلة ما قبل السكري: بين 140 و199 ملغ/ديسيلتر.
-
السكري: 200 ملغ/ديسيلتر أو أكثر.
يعد هذا الاختبار من أكثر الاختبارات دقة للكشف عن السكري من النوع الثاني، خاصة إذا كان الشخص يعاني من أعراض غير واضحة.
4. فحص مستوى الجلوكوز العشوائي
يُجرى فحص مستوى الجلوكوز العشوائي في أي وقت من اليوم، بغض النظر عن تناول الطعام. إذا كانت مستويات السكر في الدم مرتفعة بشكل غير طبيعي، قد يشير ذلك إلى وجود مرض السكري، ولكن لا يمكن تأكيد التشخيص بناءً على هذا الفحص فقط. عادة ما يُستخدم هذا الاختبار كفحص أولي، ويتم تأكيد التشخيص عبر فحوصات إضافية.
5. اختبار الجلوكوز بعد تناول الطعام (Postprandial Glucose Test)
يقيس هذا الاختبار مستوى السكر في الدم بعد تناول الطعام بساعة إلى ساعتين. يعتبر اختبار الجلوكوز بعد تناول الطعام مفيداً لتشخيص السكري في حالات معينة، خصوصاً لدى المرضى الذين يعانون من مشاكل في تنظيم مستويات السكر بعد تناول الوجبات.
تشخيص السكري في الأطفال والمراهقين
مرض السكري قد يصيب الأطفال والمراهقين، ولا سيما مرض السكري من النوع الأول. يتم تشخيص مرض السكري في هذه الفئة العمرية باستخدام نفس الفحوصات التي تُستخدم للكبار، مثل فحص مستوى الجلوكوز في الدم الصائم واختبار HbA1c. في بعض الحالات، يتم استخدام اختبار التحمل الجلوكوزي الفموي (OGTT) في الأطفال الذين يعانون من أعراض مريبة.
تشخيص السكري خلال فترة الحمل (سكري الحمل)
سكري الحمل هو نوع من مرض السكري الذي يظهر أثناء الحمل، وعادة ما يختفي بعد الولادة. لتشخيص هذا النوع من السكري، يتم إجراء اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (OGTT) في الأسبوع 24-28 من الحمل. إذا أظهرت النتائج أن مستوى السكر في الدم مرتفع، فقد يتم تشخيص سكري الحمل.
المضاعفات المرتبطة بالسكري
إذا لم يتم تشخيص مرض السكري بشكل مبكر ومعالجته بشكل فعال، يمكن أن يؤدي إلى العديد من المضاعفات الصحية الخطيرة، مثل:
-
مشاكل في القلب والأوعية الدموية.
-
ارتفاع ضغط الدم.
-
مضاعفات في الكلى.
-
فقدان الرؤية.
-
التهاب الأعصاب.
-
تأثيرات على الجلد والأسنان.
لذلك، فإن التشخيص المبكر لمرض السكري أمر بالغ الأهمية لتقليل المخاطر المرتبطة به.
ختاماً
مرض السكري هو حالة صحية شائعة، ولكنه قابل للتحكم إذا تم تشخيصه في وقت مبكر. تعتبر فحوصات الدم المختلفة أداة أساسية في تشخيص السكري، ويجب أن يكون الأفراد على دراية بالأعراض والعوامل التي قد تشير إلى وجود المرض. كما يجب أن يتخذ الأشخاص خطوات وقائية ويقوموا بإجراء الفحوصات الدورية، خاصة في حالة وجود عوامل خطر مثل زيادة الوزن أو تاريخ عائلي للمرض. التشخيص المبكر والتعامل المناسب مع السكري يساعدان في منع العديد من المضاعفات الصحية ويضمنان تحسين جودة الحياة.
