في عام 1928، وتحديدًا في اليوم الرابع والعشرين من شهر أبريل، وعند الساعة الواحدة وربع بتوقيت عالمي متفق عليه، شهدت بحر إيجة، الممتد في الموقع الجغرافي 38 درجة شمالاً و 23.5 درجة شرقاً، حدثًا طبيعيًا مدمرًا، تزامن مع هزة أرضية بقوة 5 درجات على مقياس ريختر. وقد أثارت هذه الأحداث التي لم تكن عابرة أعماق البحر في تلك اللحظة، تساؤلات كثيرة حول طبيعتها وأسبابها.
تُلاحظ بشكل واضح اضطرابات غير عادية في حركة البحر، حيث لوحظت حركات غير اعتيادية في مياه البحر بين الساعة التاسعة صباحًا من يوم 24 أبريل وصباح اليوم التالي، على مقربة من شواطئ اليونان وعلى الجزر من الساحل الشمالي لجزيرة كريت حتى جزيرة ليموس.
وفي سياق تفاصيل الأحداث، تم رصد ارتفاعات وانخفاضات سريعة غير منتظمة في مستوى سطح البحر بالقرب من رصيف الميناء في بيرايوس بين الساعة 09:15 والساعة 16:30 وما بين الساعة 20:00، حيث ارتفع مستوى سطح البحر حتى 0.5 متر (2 أقدام) في فترة زمنية تقارب العشر دقائق، وتم ملاحظة تدفقات ملحوظة أمام الميناء وبالقرب من مدخله. وفي جزيرة أندروس، تم رصد انخفاض بقياس 25 سم في مستوى سطح البحر في تمام الساعة 10:00، ثم عاد المستوى إلى وضعه الطبيعي بعد مرور ساعة ونصف الساعة. كما تم ملاحظة ارتفاع مفاجئ بقياس 40 – 50 سم في مستوى سطح البحر على جزيرة سيروس في تمام الساعة 09:30، تلاه انخفاض بنحو 20 سم أقل من المستوى العادي بعد مرور 5 دقائق.
وتُشير التقارير إلى أنه في تمام الساعة 10:00، انحسرت المياه عن سواحل جزيرة ميكونوس في العديد من المناطق، وخاصة بالقرب من قرية ميكونوس، حيث انحسرت المياه لمسافة تتراوح بين 15 إلى 20 متر، وفي نفس الوقت، حدثت ظاهرة مماثلة في ميناء ميكوتيوس، حيث انحسرت المياه لمسافة تقدر بنحو 10 أمتار. وفي خليج ميلوس، ارتفعت المياه بمقدار 0.5 متر في جميع أنحاء الخليج. وقد زعم العمال في ميناء هيراكليون أن مستوى سطح البحر ارتفع بواقع 1 متر، بينما لاحظ شهود آخرون ارتفاعاً غير ملحوظ في المستوى. وفي سياق مماثل، لاحظ صيادون في قارب صغير على بعد 6 كيلومترات شرق هيراكليون انخفاضًا بمقدار 0.5 متر في سطح البحر، ولوحظ ارتفاع مماثل في مستوى البحر من قبل طاقم سفينة شراعية كانت تبحر على بعد 20 كيلومترًا إلى الغرب من المدينة. وبحسب مهندس في ميناء هيراكليون، فقد ارتفع سطح البحر في البداية ثم انحسر بسرعة؛ وزادت قوة تلك التذبذبات تدريجيًا. وفي تمام الساعة 14:00، لاحظوا موجة قوية بارتفاع 2 متر تجتاح الساحل، حيث غمرت المياه الحائط الجانبي للرصيف. وتبعت تلك الموجة تيارات بحرية قوية على الفور، بحيث جرفت قوارب الصيد بالقرب من الميناء إلى البحر المفتوح. ثم ضعفت هذه التيارات تدريجيًا وتوقفت تمامًا بحلول الساعة 07:00 في اليوم التالي، أي في الخامس والعشرين من أبريل. وحسب تقرير لمدير مكتب الأرصاد الجوية في هيراكليون، فقد كانت سرعة التيارات البحرية حوالي 6 عقد.
وفي سياق مماثل، فقد انحسرت المياه عن الساحل بمقدار 1.5 متر نتيجة لانخفاض مستوى سطح البحر في نافبليو في تمام الساعة 14:30، ثم ظهر تدفق عكسي بعد عدة دقائق، وتجاوز المستوى الطبيعي بقدر 0.5 متر، ثم انحسرت المياه مرة أخرى، وعاد المستوى إلى وضعه الطبيعي. وفي تقارير أخرى، يذكر أن ظاهرة مماثلة وقعت على شاطئ تولو، على بعد 12 كيلومترًا من نافبليو.
ومن خلال دراسة وقت بدء تسونامي في مختلف الأماكن، يبدو أن مصدر الأمواج تقريبًا كان متزامنًا مع مركز الزلزال الرئيسي في 22 أبريل ومع ارتجاج لاحق في 24 أبريل، والتفاصيل المذكورة أعلاه. ولكن الأمواج، على ما يبدو، بدأت بعد 5 ساعات من الصدمة. ويمكن لذلك أن نفترض أنها ناجمة عن انهيار قوي تحت الماء.