تساقط الشعر من الجذور

أسباب تساقط الشعر من الجذور

يُعد تساقط الشعر من المشكلات الشائعة التي تؤرق نسبة كبيرة من الأفراد حول العالم، إذ يمثل الشعر عنصراً جمالياً ونفسياً له تأثير بالغ على الثقة بالنفس والمظهر العام. ومن أكثر أشكال تساقط الشعر إثارة للقلق هو التساقط من الجذور، الذي يشير عادة إلى اضطرابات صحية أو نفسية أو بيئية تستدعي التوقف عندها وفهم أبعادها لتحديد أساليب الوقاية والعلاج الفعّال.

يتكون الشعر من جزئين رئيسيين: الجذر الذي ينغرس في الأدمة داخل بصيلة الشعر، والساق التي تمتد خارج الجلد. عندما يتساقط الشعر من الجذور، يكون ذلك علامة على أن دورة حياة الشعرة قد توقفت قبل الأوان، أو أن هناك خللاً في وظيفة البصيلة المسؤولة عن التغذية والتثبيت. فيما يلي تفصيل لأبرز العوامل المؤدية إلى تساقط الشعر من الجذور.

العوامل الوراثية ودورها في تساقط الشعر

تُعد الوراثة من الأسباب الرئيسية في تساقط الشعر، وخاصة ما يُعرف بالثعلبة الأندروجينية أو الصلع الوراثي. هذا النوع من التساقط ينتقل عبر الجينات، ويحدث نتيجة حساسية بصيلات الشعر لهرمون ديهدروتستوستيرون (DHT) الذي يؤدي إلى تقلص حجم البصيلة تدريجياً حتى تفقد قدرتها على إنتاج شعر سليم ومتين. غالباً ما يظهر هذا النمط لدى الرجال في مقدمة الرأس وخلفيته، بينما يظهر لدى النساء على شكل ترقق منتشر دون صلع كامل.

الاضطرابات الهرمونية وتأثيرها المباشر

تلعب الهرمونات دوراً محورياً في تنظيم صحة فروة الرأس ودورة حياة الشعرة. أي خلل في التوازن الهرموني قد يؤدي إلى تساقط الشعر من الجذور. من أبرز الحالات:

• الحمل والولادة: تزداد مستويات هرمون الإستروجين خلال الحمل، ما يطيل عمر الشعرة. بعد الولادة، ينخفض الهرمون بشكل مفاجئ، فيدخل عدد كبير من الشعرات مرحلة الراحة (Telogen) ويسقط.

• الغدة الدرقية: سواء كان الخلل قصوراً أو فرطاً، فإن اضطرابات الغدة الدرقية تؤثر على نمو الشعر.

• تكيس المبايض: يسبب خللاً في مستوى الأندروجينات ما قد يؤدي إلى تساقط الشعر.

• سن اليأس: الانخفاض الطبيعي في هرمونات الأنوثة يؤدي إلى ترقق الشعر.

سوء التغذية ونقص العناصر الأساسية

يعتبر الشعر أحد أسرع الأنسجة نمواً في الجسم، لذلك يحتاج إلى وفرة من العناصر الغذائية لضمان بقائه صحياً. النقص في بعض الفيتامينات والمعادن يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتساقط الشعر من الجذور:

• الحديد: يعد من أكثر العناصر التي يرتبط نقصها بتساقط الشعر خاصة لدى النساء نتيجة الدورة الشهرية أو الحمل.

• الزنك: عنصر أساسي لتحفيز إنزيمات إصلاح الأنسجة ونمو الشعر.

• البروتين: نقص البروتين في النظام الغذائي يضعف بنية الشعر.

• فيتامين د: له دور في دورة حياة بصيلات الشعر.

• البيوتين: أحد أفراد عائلة فيتامين ب المهم لنمو الشعر.

العوامل النفسية والتوتر المستمر

للضغط النفسي دورٌ خفيٌّ وخطير في تحفيز تساقط الشعر من الجذور. هناك حالة تعرف بـ تساقط الشعر الكربي (Telogen Effluvium)، تحدث عندما يتعرض الجسم لضغط مفاجئ مثل صدمة نفسية أو عملية جراحية أو فقدان شخص عزيز، فتدخل أعداد كبيرة من بصيلات الشعر فجأة في طور الراحة، وبعد فترة قصيرة يبدأ الشعر بالتساقط بشكل كثيف.

كما أن بعض الأشخاص يعانون من هوس نتف الشعر (Trichotillomania)، وهو اضطراب نفسي يدفع الشخص إلى نزع شعره من الجذور بشكل متكرر وغير واعٍ.

الأمراض الجلدية والالتهابات

تصاب فروة الرأس أحياناً بأمراض تؤثر مباشرة على جذور الشعر، منها:

• الثعلبة البقعية: مرض مناعي ذاتي يؤدي إلى مهاجمة الجهاز المناعي لبصيلات الشعر، فتسقط الشعرات فجأة من الجذور تاركة بقعاً خالية.

• الفطريات الجلدية: بعض أنواع العدوى الفطرية مثل السعفة قد تؤدي إلى تساقط الشعر بشكل دائري أو منتشر.

• الصدفية والأكزيما: الالتهابات المزمنة قد تؤثر على صحة البصيلات.

• التهابات بكتيرية مزمنة: بعض أنواع البكتيريا تسبب التهابات في فروة الرأس تؤدي إلى تلف البصيلات.

العلاجات الطبية والأدوية

تتسبب بعض الأدوية في تساقط الشعر كأثر جانبي، نظراً لتأثيرها على دورة انقسام الخلايا. من أشهرها:

• العلاج الكيميائي: يستهدف الخلايا سريعة الانقسام، بما فيها خلايا بصيلات الشعر.

• مضادات الاكتئاب وبعض أدوية القلب: قد تؤدي إلى اضطرابات في دورة حياة الشعرة.

• أدوية حب الشباب: مثل الإيزوتريتينوين قد تؤثر على فروة الرأس.

• الستيرويدات: الإفراط في استخدامها قد يخل بالتوازن الهرموني.

الممارسات اليومية الخاطئة

هناك ممارسات حياتية بسيطة لكنها مضرة جداً بجذور الشعر إذا استُخدمت بشكل متكرر وغير مدروس، منها:

• استخدام أدوات التصفيف الحرارية بكثرة.

• شد الشعر بتسريحات ضيقة مثل الضفائر وذيل الحصان.

• الإفراط في صبغات الشعر والمواد الكيميائية.

• عدم غسل الشعر بشكل مناسب مما يؤدي إلى تراكم الدهون والقشرة التي قد تسد بصيلات الشعر.

• تمشيط الشعر بقسوة خاصة وهو مبلل.

العوامل البيئية والموسمية

يتأثر الشعر بتغيرات الفصول والمناخ. لوحظ أن كثيراً من الناس يعانون من زيادة التساقط في فترة الخريف نتيجة التغيرات المناخية التي تؤثر على دورة حياة الشعر. كذلك تؤثر الملوثات البيئية مثل الأدخنة والمواد الكيميائية في الهواء على فروة الرأس وتضعف البصيلات.

الجدول التالي يوضح مقارنة بين الأسباب المختلفة وتأثيرها على جذور الشعر:

طرق الوقاية العامة من تساقط الشعر من الجذور

رغم تعدد الأسباب وتداخلها، يمكن الالتزام بعدد من الخطوات الوقائية التي تقلل فرص التعرض لهذه المشكلة:

• اعتماد نظام غذائي متوازن غني بالبروتينات والفيتامينات.

• إجراء الفحوصات الدورية لمستويات الحديد والهرمونات.

• تجنب التوتر المزمن بوسائل مثل التأمل والرياضة.

• استعمال منتجات العناية بالشعر ذات الجودة العالية والخالية من المواد الكيميائية القاسية.

• تقليل استخدام الحرارة والتصفيف المبالغ فيه.

• مراجعة الطبيب عند ملاحظة تساقط غير طبيعي لوصف العلاج المناسب.

خيارات العلاج الحديثة

تتعدد خيارات علاج تساقط الشعر من الجذور بحسب السبب. من أهم هذه الخيارات:

• الأدوية المثبطة لهرمون DHT مثل فيناستيرايد للرجال.

• مستحضرات المينوكسيديل الموضعية لتحفيز البصيلات.

• البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) التي تحفز التجدد الخلوي.

• زراعة الشعر في الحالات الوراثية المتقدمة.

• علاج الأمراض الجلدية بمضادات الفطريات أو الكورتيزون الموضعي.

• المكملات الغذائية عند وجود نقص مثبت مخبرياً.

إن فهم الأسباب المتنوعة لتساقط الشعر من الجذور يعد خطوة أساسية لتجنب المضاعفات النفسية والجمالية المرتبطة به. إن تبني نمط حياة صحي ومراقبة التغيرات الهرمونية ومعالجة الأمراض المزمنة مبكراً هي أسس الحفاظ على شعر صحي وقوي.

المصادر:

• Mayo Clinic

• American Academy of Dermatology