يعتبر كتاب “التربية والحرية من أجل رؤية فلسفية للفعل البيداغوجي” من تأليف محمد بو بكري من الأعمال الفلسفية البارزة التي تسلّط الضوء على العلاقة العميقة بين التربية والسلطة والحرية. يقوم الكتاب بتحليل دقيق للخطابات التربوية ويناقش كيف أنها ليست مجرد ممارسات مستقلة، بل هي جزء لا يتجزأ من السياقات التاريخية والسياسية والاقتصادية. يسلط الضوء على كيفية تحول التربية إلى آلية لتكوين أفراد يتناسون هويتهم ويصبحون أدوات لسيطرة السلطة.
تبرز الدراسة الفلسفية المقدمة في الكتاب أهمية فهم البيداغوجيا بشكل شامل، حيث يشير المؤلف إلى أن النصوص التربوية غالبًا ما تفتقر إلى الاستدلال الفلسفي المنطقي، بل هي في كثير من الأحيان مجرد ادعاءات بلاغية تقوم على أساس نظري وهمي. بالإضافة إلى ذلك، يقوم الكتاب بتسليط الضوء على الجانب الشعري للبيداغوجيا ودور الخيال فيها، حيث يقارن الشعر بالرياضيات في مساهمتهما في توسيع الأفق الفكري والإبداعي للفرد.
ومن خلال تحليله لتصورات التربية التقليدية ودعوته للابتعاد عن العنف وزرع التنوع، يسعى الكتاب إلى إبراز أهمية تجنب تقسيم الحرية إلى أقسام فرعية، ويقدم نقدًا عميقًا لمفهوم “الطريقة الجيدة” ويؤكد على صعوبة تحقيقها بشكل مطلق. كما يلقي الضوء على أهمية الوجدان في التعليم ويحذر من الوقوع في التصنع والخداع والغش.
يتضمن الكتاب تحليلًا شاملاً للمفاهيم التربوية الرئيسية ويقدم رؤية نقدية تحررية تدعو إلى إعادة تفكيك الأفكار التقليدية حول التربية والحرية. بفضل وضوحه وعمقه في التحليل، يعتبر هذا الكتاب مصدرًا قيمًا للمهتمين بالفلسفة التربوية والفكر النقدي.