تحول مصر نحو الهيدروجين الأخضر: استدامة الطاقة ومواجهة التحديات المناخية

في السنوات الخمس الأخيرة، أصبح التغير المناخي وتأثيراته على الطقس كابوسًا يهدد دول العالم بأكمله، سواء كانت من الدول النامية التي تعاني من عجز تنموي أم من الدول العظمى ذات الاقتصادات المتقدمة. تتجلى هذه التأثيرات بشكل واضح في الكوارث الطبيعية التي أدت إلى خسائر فادحة وتهديدات جسيمة للبشرية. ولكن لا يقتصر الأمر على ذلك، بل أصبحت هذه الظاهرة أداة فعّالة تهدد الاقتصادات الوطنية، خاصة فيما يتعلق بالقطاع الطاقوي وتأثيره على الصناعات المتنوعة.

تتسارع التغيرات المناخية وتأثيراتها الضارة على مصادر الطاقة، وتبرز أهمية البحث عن حلول فعّالة لمواجهة هذا التحدي. يظهر تأثير التغير المناخي بشكل خاص على مصادر الطاقة الرئيسية في الدول، حيث ترتبط تلك المصادر بشكل غير مباشر بالتلوث البيئي، ويعكس ذلك تأثيرها السلبي على الطقس والمناخ بشكل عام. يسهم ذلك في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري والارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة.

من النتائج العملية لهذا التأثير البيئي السلبي هو تكبد المحطات الكهربائية، المسؤولة عن توليد الكهرباء اللازمة لتشغيل الصناعات الكبرى، أعباءً إضافية. فالتغير المناخي، الذي يتسم بارتفاع درجات الحرارة بشكل غير طبيعي، يؤدي إلى عجز هذه المحطات عن تلبية احتياجات الصناعة من الغاز الطبيعي، مما ينتج عنه توقف العمل في تلك المصانع. كانت مصانع مثل مصنع الأسمدة في العين السخنة بمصر، تعاني في صيف العام الحالي من خسائر كبيرة بسبب تعطلها نتيجة عجز المحطات عن ضخ الكميات اللازمة من الغاز.

تأتي قرارات تخفيف الأحمال وتقليل التيار الكهربائي كخيارات رئيسية لحماية الصناعة وضمان استدامة إمدادات الطاقة. يتطلب هذا التحول تكاملًا شاملًا للسياسات البيئية والاقتصادية، حيث يجب أن تتضمن استراتيجيات لتقليل الانبعاثات الضارة وتحفيز الابتكار في مجالات الطاقة النظيفة.

تعد قضية تغير المناخ وتحول الطاقة من بين أكبر التحديات التي تواجه العالم في الوقت الحالي، وهذا يظهر جليًا في التزام قطاع البترول المصري. يُعَدُّ قطاع البترول والغاز جزءًا أساسيًا من الحلول العالمية لمواجهة التغير المناخي، وقد شددت الوزارة المسؤولة عن هذا القطاع على أهمية التحول نحو مستقبل أكثر استدامة.

وفي هذا السياق، تم تحديد يوم إزالة الكربون للمرة الأولى في تاريخ القمم العالمية للمناخ كجزء من المبادرات الرسمية لمؤتمر COP27 الذي استضافته مصر في مدينة شرم الشيخ العام الماضي. ومن الطبيعي أن تكون قضية تخفيض الكربون وتقليل تأثيره في صناعة البترول والغاز ذات أولوية قصوى، نظرًا لتأثيرها الكبير على المناخ وتداولها في ارتفاع درجات الحرارة.

تعكس مشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته جهود الدول في محاربة ظاهرة التغير المناخي، حيث تعتبر مصادر الطاقة النظيفة جزءًا مهمًا من استراتيجيات تحقيق التنمية المستدامة. ولذلك، اتخذت الحكومة المصرية قرارًا بإنشاء المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بهدف توحيد الجهود الحكومية لتشجيع الاستثمار في هذا المجال والتصدي لتأثيرات التغير المناخي، وذلك وفقًا لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.