في جوهرها، تبرز أنظمة التعليم في البلدان العربية كواقع يجمعها رغم اختلافاتها، إذ تتلخص في تبنيها لسياسة تعليمية تتسم بالفشل الواضح. يبدو أن هذه السياسة تسعى إلى تحويل الطلاب إلى موظفين مطيعين، يعملون بمثابة روبوتات، مستعدين لصنع ثروة لأصحاب المشاريع، وفي المقابل، يحصلون على رواتب تكاد تكون رمزية، لا تشبع ولا تبعد عن هموم الحياة.
إن تجسيد هذه السياسة في الواقع يظهر بوضوح فيما يتعلق بتشكيل فئة من الموظفين يعملون بانضباط تام، دون أن يكون لديهم التحفيز الحقيقي أو الفرصة لتطوير مهاراتهم وابتكار أفكار جديدة. يبدو أن الهدف الرئيسي هو تحقيق رغبات أصحاب المشاريع، دون مراعاة لمستقبل الفرد أو تطلعاته.
في ظل هذا السياق، يتساءل الكثيرون: هل تلك هي النهاية الوحيدة المتاحة؟ هل يجب أن يكون النجاح مقتصرًا على أن نصبح موظفين طوعاً؟ رغم أن الرواية التقليدية تروج لفكرة أن النجاح يأتي من خلال الاندماج في هذا النمط، إلا أن هناك أمثلة حية تثبت العكس.
يُشير العديد من الخبراء إلى أن مفتاح النجاح لا يكمن فقط في الالتزام بالدراسة والحصول على درجات عالية، بل في القدرة على التفكير الابتكاري واستكشاف الفرص المختلفة. السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا يُعلم لنا في المدرسة كيف نصبح رواد أعمال ناجحين بدلاً من أن نكون مجرد موظفين يائسين؟
يبدو أن التحول من الاعتماد على الاستقرار إلى تحقيق النجاح في عالم الأعمال يعتبر تحدًا كبيرًا. إنه يتطلب التخلي عن الأمان والاستعداد للاستثمار في المغامرة والابتكار. يقول روبرت تي كوسياك بجرأة في كتابه “الأب الغني والأب الفقير” أن الذكاء لا يكفي، بل يحتاج الفرد إلى أن يكون جريئاً ويخوض التحديات.
هل يتسائل أحد منا لماذا لا يتم تعليمنا في المدرسة كيف نبني مشاريعنا الخاصة ونحقق الاستقلال المالي؟ ربما لأن ذلك ليس أمرًا سهلاً، ويتطلب التفكير خارج الصندوق والاستعداد لتحمل المخاطر. السؤال الأهم هو هل نحن مستعدون لتحمل تلك المسؤولية والسعي نحو تحقيق أحلامنا؟
على الرغم من أننا قد نظل أسرى في دوامة الأوهام حالياً، إلا أن هناك فرصة لاستعادة السيطرة وتغيير مجرى حياتنا. قد يكون التحول نحو روح المغامرة والابتكار هو المفتاح لتحقيق النجاح والرفاهية المالية.
المزيد من المعلومات
في الواقع، ينبغي أن نفهم أن الأنظمة التعليمية في العالم العربي لا تعد السبيل الوحيد لتحقيق النجاح أو بناء مستقبل مالي مزدهر. الفرد يحتاج إلى تنمية مجموعة من المهارات والقدرات التي قد لا تُعلم بشكل كافي في البيئة الأكاديمية التقليدية.
في هذا السياق، يلعب التفكير الريادي دوراً حيوياً. إذ يشجع على الابتكار، ويسعى إلى إيجاد حلول للتحديات، ويحفز على استكشاف الفرص. قد يكون تعلم كيفية بناء مشروع أو مشاركة في مجال ريادة الأعمال هو مفتاح لتحقيق النجاح المستدام.
يتطلب الأمر أيضاً تعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداع، والتي تساعد في تطوير رؤية فريدة وفهم عميق للتحديات المحيطة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز التحصيل الذاتي والتعلم المستمر، حيث يعد اكتساب المعرفة وتحديثها بشكل دوري أمراً حيوياً في عالم يتطور بسرعة.
من الجوانب الأخرى، يمكن أن يسهم تعزيز ثقافة ريادة الأعمال في المجتمع بشكل عام في دعم الأفراد الذين يسعون إلى بناء مشاريعهم الخاصة. يجب على المجتمع تقديم الدعم والتشجيع للأفراد الذين يخوضون تلك التحديات، وتوفير بيئة تشجع على الابتكار والتجريب.
لذا، يبدو أن التحول نحو تعلم مستدام وموجه نحو الأهداف الشخصية وريادة الأعمال قد يكون السبيل الأفضل لتحقيق النجاح الشخصي والمهني في مجتمعاتنا العربية. إذ يعتمد النجاح بشكل كبير على القدرة على التكيف مع التحولات في العالم والاستعداد لتحديات المستقبل بطريقة إبداعية ومبتكرة.