في الزمن الحاضر، يظهر أن الطلب على مهارات القادة التنفيذيين قد شهد تحولاً كبيراً، حيث لم تعد الخبرة المالية والتشغيلية وحدها كفيلة بتمييز المديرين التنفيذيين. إن المؤسسات اليوم تسعى إلى القادة الذين يمتلكون دمجاً فريداً من الذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية البارعة. هذا التحول في التوجهات القيادية يعكسه دراسة حديثة أُجريت بجامعة هارفارد، حيث قام الباحثون بتحليل الآلاف من بطاقات الوصف الوظيفي لمناصب المدير التنفيذي على مدى 17 عامًا.
وتوصلت هذه الدراسة إلى أن المهارات الاجتماعية أصبحت أكثر أهمية في عالم الأعمال المعقد، حيث يواجه كبار المديرين التنفيذيين تحديات تنسيق العمل بين فرق متعددة وحل المشكلات في بيئة تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا. وفي هذا السياق، يتطلب من المديرين التنفيذيين أن يكونوا ذوي تفاعل اجتماعي مميز، قادرين على الاستماع بفعالية، ومشاركة تجارب الآخرين بصدق، وتحفيز الفريق نحو تحقيق أهداف مشتركة من خلال التواصل الفعّال والواضح.
من خلال تحليل عدة آلاف من الوظائف القيادية، اقترحت الدراسة ستة مجموعات من المهارات الأساسية للمديرين التنفيذيين:
- مهارات تنظيمية
- مهارات إدارة الموارد المالية والمادية
- مهارات إدارة الموارد البشرية
- مهارات المعلومات
- مهارات مراقبة الأداء
- المهارات الاجتماعية
تعرّف الباحثون المهارات الاجتماعية على أنها تشمل التفاعل مع الآخرين، والاستماع الفعّال، والإقناع الصادق، والتعاطف الحقيقي، وفهم ردود الفعل، وإدراك تفاعل الآخرين. وقد وجدت الدراسة أن الطلب على هذه المهارات يتزايد بشكل كبير، خاصة في المؤسسات الكبيرة والمتعددة الجنسيات التي تعتمد بشكل كبير على تبادل المعلومات.
وفي سياق آخر، أشارت الدراسة إلى أن حجم المؤسسة وتنوع القوى العاملة يؤثران على الطلب على المهارات الاجتماعية. فالمؤسسات العملاقة والمشاركة في عمليات الدمج والاستحواذ أكثر عرضة للاشتراطات التي تتطلب هذه المهارات. وهذا يرتبط بشكل خاص بالبيئات العمل المعقدة التي تتطلب من القادة اليوم توظيف مهارات تفاعلية متقدمة، لا سيما في ظل التحولات الكبيرة في بيئة الأعمال الحالية.
المزيد من المعلومات
تتعمق الدراسة في تحليل 4622 عملية بحث عن مسؤولين تنفيذيين تمت في 3794 مؤسسة بين السنوات 2000 و2017. تم تصنيف الشروط المطلوبة لمديري المستوى التنفيذي إلى ست مجموعات رئيسية من المهارات، ومن بينها المهارات الاجتماعية. يُعرّف الباحثون هذه المهارات بأنها تشمل التفاعل مع الآخرين بشكل فعّال، والقدرة على الاستماع، والقدرة على الإقناع بصدق، والتعاطف الحقيقي، وفهم ردود الفعل، والقدرة على تفسير تفاعلات الآخرين.
ومن خلال تحليل البيانات، توصل الباحثون إلى نتائج ملموسة تُظهر تغيرات في احتياجات سوق العمل. فقد زادت فرص طلب المهارات الاجتماعية بنسبة ملحوظة، خاصةً بين المرشحين لمناصب القيادة العليا. وبصورة عامة، أظهرت الدراسة أن المؤسسات تعتمد بشكل متزايد على مهارات القادة التنفيذيين في التفاعل الاجتماعي، وذلك بمعدلات تتجاوز الاعتماد على المهارات التقليدية مثل الخبرة المالية والإدارية.
في هذا السياق، أشير إلى أن الطلب على المهارات الاجتماعية يختلف حسب حجم المؤسسة وتنوع قوى العملة. المؤسسات الكبيرة والمشاركة في عمليات الدمج والاستحواذ أظهرت زيادة كبيرة في اشتراط المهارات الاجتماعية في الوظائف القيادية. ويعزى هذا الاتجاه إلى الضرورة المتزايدة لقادة يمتلكون القدرة على التفاعل الفعّال في بيئات عمل متعددة الثقافات وتنوع الفرق.
إلى جانب ذلك، كشفت الدراسة أن المؤسسات التي تحتاج إلى عدد كبير من الموظفين ذوي مهارات تكنولوجيا المعلومات تعززت فرص اشتراط المهارات الاجتماعية. ويعكس ذلك الحاجة المتزايدة لقادة قادرين على التواصل بفعالية في بيئة تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا.
وفي الختام، تبرز أهمية هذا الاتجاه الجديد في مجال التوظيف وتطوير القيادات، حيث يشير إلى أن المهارات الاجتماعية أصبحت لا غنى عنها للقادة اليوم في مواجهة تحديات عالم الأعمال المتزايدة التعقيدًا والتكنولوجيا المتقدمة.