في كتابه “الميراث: كيف انتقلت ثلاث عائلات وأميركا من روزفلت إلى ريغان وما بعدهما”، يروي الصحفي الحائز على جوائز، سامويل ج. فريدمان، قصة الإنسان في التحول السياسي لأميركا في القرن العشرين – صعود وانحدار تحالف فرانكلين روزفلت الجديد واستبداله بالتحفظ الجديد لرونالد ريغان ونيوت جينجريتش. هذا هو أهم ظاهرة سياسية في عصرنا.
قام فريدمان باختيار ثلاث عائلات تكون في آن واحد فريدة وتمثلية للغاية. إنها عائلات وصلت إلى هذا البلد وبدأ القرن بالتوازي مع قصة محترفين من حرف يدوية مثل الحدادين والخدم المنزليين والجزارين والسباكين للحصول على مكان في الحياة. إنها عائلات تصرفت بما يمثل معتقداتها ليس فقط من خلال التصويت ولكن أيضًا من خلال تنظيم الأحياء وقيادة فروع النقابات، وتنظيم الدوائر الانتخابية ومراقبة الانتخابات والمشاركة في مسيرات بالشموع. كانت هذه العائلات ركائز لتحالف الديمقراطيين الذي قاد أميركا بشكل رئيسي منذ عام 1932 حتى عام 1968 – نشطاء مجتمعيون، نقابيون، سياسيون آليين، بوليس آلات ترتكز ولاءاتها على الدين والعرق والطبقة الاجتماعية. تجسد هذه العائلات بشكل متساوٍ القوى التي أدت إلى انتقال الغالبية إلى أيدي الجمهوريين لكل السنوات باستثناء أربع سنوات بين عامي 1968 و1992 – الشكاوى حول الضرائب والجريمة والتمييز العكسي؛ صعود الضواحي وانتقال إلى آلة سياسية جديدة تعتمد على التمويل الخاص للتنمية بدلاً من الأعمال العامة. إنهم أفراد انتقلوا من الديمقراطيين في عهد الوعد الجديد إلى الجمهوريين في عهد ريغان ثم إلى مزيج من حاملي الراية الجمهوريين، والذين كانوا مترددين في دعم كلينتون، ومن تخليهم عن السياسة. وبهذا، حملوا معهم مصير الأمة.
ستغير “الميراث” فهمنا لكيفية اختيار أميركا لقادتها. ومن خلال هذه الرواية، يتجلى لنا كيف يؤثر الشخص والعائلة والمجتمع في السياسة الوطنية، وكيف تتغير الأفكار والمعتقدات مع تحولات الزمن. يقدم فريدمان نظرة عميقة في عوالم هذه العائلات، مشددًا على تفاصيل الحياة اليومية والتحديات التي واجهتهم، وكيف انعكست تلك التحديات على قراراتهم السياسية والاجتماعية.
وبالتأكيد، يثير هذا الكتاب الأسئلة حول الميراث الذي نحمله جميعًا، وكيف يتغير ويتشكل من خلال الأجيال. إنها قصة عن الجذور والتحولات، وعن كيفية تكوين الهوية الوطنية من خلال تجارب الحياة الشخصية والسياسية. بأسلوب سردي مؤثر وتحليل عميق، يقدم فريدمان لنا قصة تاريخية مثيرة تجمع بين السياسة والإنسانية، والتي لا شك فيها ستثير الفضول والتأمل لدى القراء الذين يبحثون عن فهم أعمق لماضي وحاضر ومستقبل السياسة في أميركا.