في إعداد أي بحث، تكمن أهمية كتابة المشكلة البحثية في تحديد الاتجاه الرئيسي الذي سيسلكه الباحث وتحديد الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها خلال عمله البحثي. المشكلة البحثية تشكل الأساس الذي يعتمد عليه كل البحث، وتحدد نطاق الدراسة والتحقيق، ومن ثم يتم تحديدها بعناية فائقة لضمان فعالية البحث وإسهامه في إثراء المعرفة.
تتألف مشكلة البحث من عدة عناصر تشترك في توجيه الانتباه نحو مسألة محددة يسعى الباحث للكشف عن إجاباتها أو حلولها. أولاً، يجب تحديد المجال العام الذي يتناوله البحث، ثم تحديد المجال الضيق أو الجانب الخاص الذي يستهدفه الباحث داخل هذا المجال. يمكن استخدام استعراض الأدبيات لتحديد الفراغات في المعرفة والتركيز على المشكلة التي لم يتم التطرق إليها بشكل كاف في الأبحاث السابقة.
ثانيًا، يتوجب على الباحث تحديد السؤال البحثي أو الأسئلة البحثية التي تعكس جوانب المشكلة التي سيتناولها البحث. ينبغي أن تكون هذه الأسئلة واضحة ومحددة، ويمكن الاعتماد عليها لقياس نتائج البحث وتقييم فعاليته. كما يفضل توجيه الأسئلة نحو تحليل وفهم عميق للمسألة المعروضة.
ثالثًا، يجب على الباحث تحديد الأهداف البحثية التي يتوقع تحقيقها من خلال البحث. هذه الأهداف يجب أن تكون متسقة مع المشكلة المحددة والأسئلة البحثية، وتشير إلى النتائج المتوقعة من البحث.
باختصار، كتابة مشكلة البحث تتطلب دقة في تحديد المجال البحثي، ووضوح في صياغة الأسئلة البحثية، وتحديد أهداف البحث. يتوجب على الباحث الانخراط في استعراض دقيق للأدبيات لضمان تميز بحثه وإسهامه في تعزيز المعرفة في مجاله المحدد.
المزيد من المعلومات
في إطار كتابة مشكلة البحث، يجب على الباحث أيضاً أن ينظر إلى السياق الذي يحيط بالمشكلة المحددة، ويعرض للقارئ الخلفية التاريخية أو السياق الثقافي الذي يعتبر إطارًا للفهم الأعم والتحليل. هذا يساعد على توجيه القارئ نحو أهمية المشكلة وتأثيرها على المجتمع أو المجال المعني.
علاوة على ذلك، يمكن للباحث أن يقوم بتسليط الضوء على الفرص والتحديات المرتبطة بالمشكلة. هل هناك إمكانيات للتطوير أو لإيجاد حلول مبتكرة؟ أم هل هناك عقبات معينة تعيق التقدم في فهم المشكلة وحلها؟ توفير هذه النقاط يسهم في جعل المشكلة أكثر إلهامًا وإشراكًا للقارئ.
من الجوانب الأخرى التي يمكن أن يضيفها الباحث إلى مشكلة البحث هي تحليل الأدلة المتاحة والتي تدعم وجود المشكلة وضرورة حلها. يجب على الباحث توفير مراجع ودراسات سابقة تلقي الضوء على مدى انتشار المشكلة وتأثيرها.
لاحظ أنه يُفضل أيضاً أن يتناول الباحث في كتابة مشكلة البحث الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية المتصلة بالمشكلة. هل هناك آثار جانبية يمكن أن يتسبب فيها حل المشكلة؟ كيف يمكن التأكد من أن أية تدابير يتم اتخاذها لحل المشكلة تكون عادلة ومستدامة؟
بهذا السياق، يظهر أن كتابة مشكلة البحث تتطلب توازناً بين التحليل العميق للمشكلة والتركيز على التفاصيل الفنية، وبين توضيح السياق الأوسع والأثر الاجتماعي والأخلاقي للموضوع.