في قلب أعماق الكتاب “قضايا حضارية عربية معاصرة” للكاتب محمد مقلد، تتجسد رحلة تاريخية تمتد من غزوة نابليون إلى غزوة بوش، كجسر زمني يمتد عبر تحولات وتحديات متلاحقة في العالم العربي. يتناول الكتاب بجدية الأسئلة الكبيرة التي تعصف بالمنطقة، محاولًا استشراف ملامح حاضرها المعقد والملتبس.
يعيش العالم العربي، حسب رؤية مقلد، في مأزق تحدي الزمن والحضارة، حيث يترنح بين رغبته الجادة في الدخول إلى حضارة العصر وبين عجزه عن اختيار البوابة المناسبة للولوج إليها. يتساءل الكاتب عن أسباب تكرار الفشل العربي في مسارات الإصلاح، مؤمنًا بأن هناك جوانبًا مظلمة تحتاج إلى الكشف عنها لفهم التحولات الحضارية والسياسية في المنطقة.
في تحليله العميق، يسلط محمد مقلد الضوء على جذور المشكلة، مستندًا إلى اعتقاده الراسخ بأن الدخول في الحياة الحديثة يتطلب استيعابًا جادًا للقضايا المعاصرة وتكاملًا ثقافيًا مع العالم العصري. يقوم بتحليل مسار الإصلاح برؤية تاريخية وثاقبة، يسبر أغوار الأحداث من خلال 263 صفحة تأخذ القارئ في رحلة مثيرة.
تبرز في هذا الكتاب جهود الباحث والمفكر في تقديم رؤية مختلفة، تتجاوز التفسيرات السطحية لتبحث في أعماق الأحداث والتحولات التي شهدتها المنطقة. صياغة الفهم العربي للتحديات الحضارية والسياسية تجد في صفحات هذا العمل مساحة للتعمق والتأمل.
تجسد دار المنهل اللبناني للطباعة والنشر في لبنان دوراً مهماً في إبراز الأصوات الفكرية البارزة، وتقديم منبر للنقاش الحضاري. يأتي الكتاب في غلاف ورقي يعكس جماليات التصميم ويضفي طابعًا فنيًا على العمل.
من خلال تصنيفه ضمن الكتب السياسية، وتحديدًا في فئة السياسة الدولية، يكون القارئ على موعد مع رحلة مثيرة تنقله عبر المحطات التاريخية والثقافية، متناولة قضايا حية ومستعصية، تشكل تحديات الحاضر ورهانات المستقبل في عالمنا العربي المعاصر.