في كتابه المثير للفكر بعنوان “الاستعمار الفرنسي في الجزائر: سياسية التفكيك الاقتصادي الاجتماعي”، يقدم الكاتب عدي الهواري تحليلاً عميقاً للواقع الاقتصادي والاجتماعي في المغرب القروسطي وما قبل الفترة الاستعمارية. يعكس الكتاب تفاصيل دقيقة حول جذور التقسيم الاجتماعي للعمل في هذه المنطقة وكيف تأثرت بالظروف الاقتصادية والتاريخية.
في بداية الكتاب، يستعرض الهواري تحولات المغرب القروسطي والتحديات التي واجهته قبل فترة الكولونيالية، حيث يسلط الضوء على ركود المجتمع وعدم تعمق التقسيم الاجتماعي للعمل خارج حدود الجماعات العائلية أو القبلية. يربط الكاتب هذا الركود بصلابة التقسيم الاجتماعي ويطرح تساؤلات مهمة حول سبب عدم اتساع نطاق التقسيم الاجتماعي للعمل.
وفي هذا السياق، يؤكد الهواري أن التقسيم الاجتماعي للعمل يعتمد بشكل أساسي على وجود فائض زراعي قادر على تأمين معيشة الأفراد الذين يخرجون من النشاط الزراعي. يسلط الكاتب الضوء على ضعف الفائض الزراعي في المغرب، وكيف أثر هذا الضعف على تاريخ المنطقة. يشير إلى أن المدن المغربية استفادت من فائض الأراضي الزراعية، خاصة من أراضي قبائل المخزن، ويربط هذا الاستفادة بمراحل سيطرتها على طرق التجارة والحصول على موارد خارجية.
ومن جانب آخر، يوضح الهواري كيف قامت بعض القبائل بالانفصال رفضاً لدفع الضرائب التي لم يكن بإمكان فائض الإنتاج الزراعي الضعيف تأمينها. يبرز الكاتب التمييز الواضح بين قبائل الرعية والمخزن، ملقياً الضوء على تفاعلات الفلاحين وكيفية تأثير الظروف الاقتصادية على قراراتهم الاجتماعية والسياسية.
يتألف الكتاب من 224 صفحة، وقد نشرته دار الحداثة للطباعة والنشر، ويندرج تحت فئة الكتب السياسية بالتحديد السياسة الدولية. يقدم الكتاب تحليلاً هاماً للقارئ الباحث عن فهم أعمق للتحولات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب القروسطي خلال فترة الاستعمار الفرنسي.
