“ما وراء اللوم: رحلة إلى عالم الفقر والجريمة في الحضر”
تأتينا هذه الرواية القوية بعنوان “ما وراء اللوم” من قلم الكتّاب ويليامز وأرمسترونغ، حيث يستكشفون بجرأة وعمق إحدى أبرز قضايا المجتمع الأمريكي – جريمة الشوارع وتفكك الأسرة في الأحياء الفقيرة. يُظهر الكتاب بصورة واقعية وصادقة إحصاءات مألوفة تفيد أن الشبان السود الشبان يقعون ضحايا للجريمة ويُسجنون بأعداد هائلة، مع الملايين الآخرين الذين يصبحون آباءً ويتخلىون عن أولادهم. وفي حين يتحدث المحللون السياسيون والزعماء السياسيون علنيًا عن هذه الاتجاهات المقلقة، يعيش معظمهم حياتهم في منازلهم الضاحكة في الضواحي، متأكدين من أن هذا لن يحدث لأطفالهم.
أرمسترونغ ويليامز، الذي يعتبر مضيفًا للبرامج الإذاعية والتلفزيونية وطنيًا، يضع لنفسه معيارًا أعلى. من خلال برامجه وحياته الشخصية، يعيش أرمسترونغ الخطاب الذي يدعو إلى تمكين الفرد، العمل الجاد، الإيمان، والمسؤولية الاجتماعية. يقول في هذا الكتاب، الذي يحمل عنوان “ما وراء اللوم”، إنه نتيجة مباحثة صريحة مع شاب يسميه “براد هوارد”، وهو تاجر مخدرات يبلغ من العمر 27 عامًا وقاتل وأب لثلاث فتيات صغيرات، سعى إلى مساعدة أرمسترونغ بحثًا عن مخرج من حياته في الشوارع.
يركز الكتاب على تحديات تجسيد عالم أرمسترونغ، الذي نشأ في مزرعة واعتاد على أروقة القوة في واشنطن بدلاً من ثقافة الغيتو الحضرية. يجب على أرمسترونغ أولاً أن يتخطى الفجوة بين عالمه الخاص وعالم براد، حيث تعتبر النساء مجرد ألعاب للتسلية لدى عصابات الدعارة والمحتالين، وحيث يدفع المال المتاحف على الشواطئ الكاريبية أو عمليات اغتيال الخصوم، وحيث تأتي المسؤولية الفردية بعد الملذات الهوائية.
لا يكفي، يحث أرمسترونغ براد، أن يتخلى ببساطة عن العمل كتاجر. بدلاً من ذلك، يجب على براد أن يطرد الرؤية العالمية التي سمحت له بالانزلاق إلى الانحدار في المقام الأول. فالأخلاقية الخاطئة والفخر الزائف، التي تم تطرقها إلى الشبان والشابات من قبل مؤسساتنا التعليمية وثقافتنا الشعبية وقادتنا السياسيين، ليست مسؤولة جزئيًا عن محنة براد. في النهاية، كانت قرارات براد الخاصة هي التي أدت إلى حياته المنحطة – حيث كان إصبع براد حرفيًا على الزناد.
ويشدد أرمسترونغ، لكي تعمل الأمور بشكل صحيح، يجب على الإنسان أن يتعلم التفكير بشكل صحيح. باستناده إلى مسيحيته الصريحة، يقدم دروسًا في الإيمان – إيمان سيمنح براد القوة لتحمل مسؤولية أفعاله، ولمستقبل أطفاله، ولمجتمعه.
أكبر درس يقدمه “ما وراء اللوم” هو أن مشكلة الجريمة الحضرية في أمريكا لا يمكن حلاً عبر علماء الاجتماع أو السياسيين أو العبارات البسيطة. يقدم أرمسترونغ تذكيرًا قويًا بأن لدينا جميعًا واجب تدخل، لنأخذ على عاتقنا قضية أشباه براد هوارد – ليس كتجربة اجتماعية، ولكن لأننا، في الواقع، رعاة إخوتنا.
هذا الكتاب، الصادر عن دار النشر “فري برس” في مايو عام 1995، يقدم ملحمة إنسانية تدفع بنا إلى التفكير العميق في مسؤوليتنا تجاه بعضنا البعض وتجاه مجتمعنا.