في كتابه المثير بعنوان “ماذا حدث للتو: سجل من حدود المعلومات”، يأخذنا الكاتب جيمس جليك في رحلة مذهلة عبر عوالم الحواسيب والإنترنت، حيث يسرد لنا تفاصيل استثنائية عن الظواهر التي شهدناها مؤخرًا. ملايين الأفراد العاديين، العاقلين، وجدوا أنفسهم مالكين لحواسيب، تلك الآلات الساحرة التي تمتلك قوى رهيبة ولكنها تطلب من أصحابها تحمل تحديات غير متوقعة.
في هذا السياق، حررت الهواتف أنفسها من قيود السلاسل التي ربطتها بطاولات السرير ومكاتب المكاتب، حيث لم يكن أحد خارج نطاق الاتصال، ولا أحد يرغب في أن يكون خارج نطاق الاتصال. أصبحت التواصل الفوري حقًا ملكية فطرية.
ولد عالم جديد، لا يعرف أحد تحديداً مكانه، يُطلق عليه “الافتراضي” أو “عبر الإنترنت”، يُطلق عليه “السايبرسبيس” أو “الإنترنت” أو حتى “الشبكة” ببساطة. اتخذت الأخلاق والأسواق أشكالًا وأقنعةً جديدة.
وفيما كانت كل هذه الأحداث تحدث، ظهر جيمس جليك، مؤلف الكتاب الرائد “الفوضى”، وكاتب في مجلة نيويورك تايمز، ولفترة قصيرة جداً كان رائد أعمال على الإنترنت، كدليلنا الأكثر حدة على هذا العالم الجديد. تقاريره، التي تتنوع بين الشغف والارتباك والغضب والدهشة، تشكل سجلاً فريدًا.
يعشق جليك ما يمكن أن تتيحه الشبكة، وفي الوقت نفسه يكرهها. فقد وضع صناع البرمجيات رؤية غريبة بشكل مدهش للشيطان القديم، عيب المنتج. اتسمت إحدى الشركات، في البداية كانت ناشطة وعنيدة، بالسيطرة على الأوتار والزرافات الخفية للاقتصاد الجديد.
لقد كُتبت ملاحم حول قضايا جديدة للخصوصية والتحجب والتنكر. اكتشفنا أنه إذا كان الإنسان يتطور نوعًا من الدماغ العالمي، فإنه عرضة لأشكال جديدة من الهستيريا واضطراب الشخصية المتعددة.
“ماذا حدث للتو” يعد في الوقت نفسه بورتريهًا رائعًا لعالم في وسط التحول ودليلاً مستبقًا على التحول الذي لا يزال قادمًا. يتناول بشكل استثنائي وبحماس ما يمكن أن تجعله الشبكة ممكنًا، ويشعر بالكراهية تجاهها.