كتاب “أكل في الظلام: تجربة أمريكا مع الغذاء المهندس وراثيًا” للكاتبة كاثلين هارت يُقدم نظرة شاملة ومعمقة حول واقع الأغذية المعدلة وراثياً في الولايات المتحدة الأمريكية. يُعد هذا الكتاب مرجعًا هامًا يُسلط الضوء على إحدى القضايا الجوهرية في مجال التكنولوجيا الحيوية وسياسات الغذاء في القرن الجديد، متناولًا التحديات والمخاطر المرتبطة بالأغذية المهندسة وراثيًا التي دخلت إلى الأسواق الأمريكية دون أن يُعي المستهلكون حقيقة ما يتناولونه.
تبدأ هارت رحلتها بالتأكيد على حقيقة أن معظم الأمريكيين يتناولون الأغذية المعدلة وراثيًا بشكل يومي دون وعي كافٍ بذلك، نظرًا لغياب التشريعات التي تلزم بتصنيف هذه المنتجات على العبوات. وتشير إلى أن هذه الأغذية غالبًا ما تكون معدلة لإنتاج أو تحمل كميات كبيرة من المبيدات، مما يثير تساؤلات حول سلامتها على الصحة العامة والبيئة.
تناول هارت في كتابها العمليات التي بموجبها تمكنت الأغذية المهندسة وراثيًا من دخول سلسلة التوريد الغذائي في أمريكا، حيث تم تجاوز الاختبارات الشاملة التي قد تكشف التهديدات طويلة المدى لصحة المستهلك والبيئة، نتيجة لتساهل الوكالات التنظيمية مع صناعة التكنولوجيا الحيوية.
بينما تُبرز الكاتبة الفوائد المحتملة لهذه التكنولوجيا، مثل تحسين التغذية وتقليل نفقات الزراعة، تستعرض أيضًا الجانب المظلم لهذه التكنولوجيا، وخاصة فيما يتعلق بالآثار البيئية والصحية. تؤكد هارت أن هناك حاجة ماسة لإجراء المزيد من الدراسات والأبحاث لفهم تأثيرات هذه الأغذية على المدى الطويل.
يُعد الكتاب، الذي نُشر في مايو 2002 من قبل دار بانثيون للنشر، مصدرًا قيمًا يجمع بين السرد التحليلي والبحث العلمي ليقدم للقارئ فهمًا عميقًا لديناميكيات التكنولوجيا الحيوية في الولايات المتحدة. يُظهر الكتاب كيف بدأ المستهلكون الأمريكيون تدريجياً بإدراك ما يتناولونه وبدء معارضة استهلاك الأغذية المهندسة وراثيًا، ما يُعتبر تحولاً في وعي المستهلك وتفاعله مع قضايا الغذاء المعاصرة.
يتميز “أكل في الظلام” بأسلوبه الجذاب وتحليله المعمق، مما يجعله ليس فقط مرجعًا للمهتمين بمجال التكنولوجيا الحيوية، بل أيضًا لكل من يهتم بالصحة العامة، السياسات الغذائية، والاستدامة البيئية. يُعد الكتاب بمثابة نداء للمزيد من الشفافية والمسؤولية في مجال صناعة الغذاء وتقنياته، داعياً إلى ضرورة تطوير نظام غذائي يحترم الصحة العامة والبيئة على حد سواء.