في كتابه المميز بعنوان “الإسلام في المجتمعات العلمانية وما بعد العلمانية”، يقدم الكاتب داستن بورد رؤية عميقة وشاملة حول واقع الإسلام وموقف المسلمين في قلب أوروبا اليوم. يستعرض بورد، بأسلوبه السلس والمحكم، الوضع الاجتماعي والثقافي للمسلمين في مجتمعات علمانية تتسم بتنوعها وتعدد آرائها.
يأخذ الكاتب المهتمين بموضوع التعايش بين المسلمين والمواطنين العلمانيين في رحلة تحليلية عميقة، يسلط فيها الضوء على التحديات التي يواجهها هذا التفاعل الحضاري والديني. يسعى بورد لفهم جذور الصعوبات التي تعترض الحوار بين المسلمين الذين يمارسون ديانتهم بتفانٍ والأوروبيين العلمانيين الذين يعتزون بتقاليدهم العلمانية.
من خلال مقاربة تستلهم من يورغن هابرماس، يحث بورد على ضرورة إقامة حوار صادق ونزيه كخطوة أساسية نحو فهم متبادل وتحقيق أمان دائم. يرى الكاتب أن هذا الحوار ليس مجرد إجراء رمزي، بل يعد سبيلاً ضرورياً لمنع أوروبا من الانجراف نحو سياسات اليمين المتطرف، حيث قد يصبح التعصب وخاصة الإسلاموفوبيا جزءًا من المشهد السياسي اليومي.
وفي سعيه لتوضيح أهمية هذا الحوار، يلقي بورد الضوء على كيفية تجنب الانجراف نحو سياسات تمييزية، وكيف يمكن للحوار أن يسهم في تعزيز الأمان والاستقرار. كما يلقي الضوء على الأثر الإيجابي الذي يمكن أن يكون له هذا الحوار في منع الشباب المسلم من الانجراف نحو التطرف الديني الذي يمنحهم مخرجًا لتفسير حياتهم وفهم دورهم في المجتمع.
تتنوع المحاور التي يستعرضها بورد في كتابه على مدار 534 صفحة، مقدمًا للقارئ تحليلاً متكاملاً ومفصلاً للتفاعل بين الإسلام والعلمانية في الوقت الحاضر. ويبرز الناشر “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث” هذا العمل الرائع بغلاف ورقي جذاب، ما يجعله إضافة قيمة لمكتبة كل مهتم بالكتب السياسية، خاصة في فئة الدين والسياسة.