تحليل جرثومة المعدة: هل يحتاج إلى صيام؟
يعد تحليل جرثومة المعدة من الفحوصات الشائعة التي يلجأ إليها الأطباء لتشخيص الإصابة بجرثومة المعدة المعروفة علمياً باسم هيلوكوباكتر بيلوري (Helicobacter pylori). تعد هذه الجرثومة من أكثر أنواع البكتيريا التي تصيب الجهاز الهضمي للبشر، حيث تؤثر بشكل رئيسي على المعدة والأمعاء، وتعتبر السبب الرئيسي للكثير من المشاكل الهضمية مثل القرحة المعدية والتهاب المعدة المزمن. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن هيلوكوباكتر بيلوري قد تكون أيضاً أحد العوامل المساهمة في الإصابة بسرطان المعدة.
أهمية تحليل جرثومة المعدة
تتعدد الطرق التي يمكن من خلالها اكتشاف وجود هيلوكوباكتر بيلوري في المعدة، ومن بين هذه الطرق تحليل الدم، تحليل التنفس، اختبار البراز، وأحيانًا من خلال تنظير المعدة لأخذ عينات من الأنسجة لفحصها في المختبر. لكن السؤال الذي يتكرر باستمرار هو ما إذا كان من الضروري الصيام قبل إجراء تحليل جرثومة المعدة.
تحليل جرثومة المعدة وضرورة الصيام
في معظم الحالات، لا يتطلب تحليل جرثومة المعدة صياماً طويلاً، ولكن هذا يعتمد على نوع التحليل الذي يتم إجراؤه. لتوضيح الأمر بشكل مفصل، سنناقش أنواع التحاليل المختلفة وتأثير الصيام على كل منها.
1. اختبار التنفس (اختبار اليوريا التنفسي)
يعتبر اختبار التنفس من أكثر الطرق شيوعاً للكشف عن هيلوكوباكتر بيلوري. يعتمد هذا الاختبار على ملاحظة التغيرات في التنفس بعد تناول الشخص لمادة تحتوي على اليوريا المشعة، حيث تقوم الجرثومة بتحليل اليوريا إلى ثاني أكسيد الكربون الذي يتم إخراجه في الهواء. إذا كان الشخص مصاباً بالجرثومة، سيلاحظ وجود كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في التنفس.
بالنسبة لهذا النوع من الاختبار، فإن صيام المريض لمدة تتراوح بين 6-8 ساعات قبل إجراء الاختبار هو أمر بالغ الأهمية. ويرجع ذلك إلى أن تناول الطعام أو الشراب قبل إجراء الاختبار قد يتداخل مع امتصاص اليوريا وتفاعلها في الجسم، مما قد يؤثر على دقة النتائج. لذا، يوصي الأطباء بأن يتم إجراء هذا التحليل في الصباح بعد صيام ليلة كاملة.
2. اختبار الدم للكشف عن الأجسام المضادة
يستخدم اختبار الدم لتحديد ما إذا كان الجسم قد أنتج أجساماً مضادة لجرثومة هيلوكوباكتر بيلوري. يعتبر هذا الاختبار من أبسط الاختبارات التي يمكن إجراؤها للكشف عن الإصابة بالجرثومة، إلا أنه لا يعطي دلالة مباشرة على وجود الجرثومة في المعدة في الوقت الحالي، بل يكشف فقط عن تعرض الجسم لها سابقاً.
عند إجراء هذا الاختبار، لا يتطلب الأمر صياماً. يمكن أن يتم سحب عينة الدم في أي وقت من اليوم دون التأثير على النتائج. لذلك، يعتبر هذا الاختبار من الاختبارات التي يمكن إجراؤها بسهولة دون الحاجة إلى تحضير مسبق مثل الصيام.
3. اختبار البراز للكشف عن الجرثومة
يتم في هذا الاختبار تحليل عينة من براز الشخص لتحديد ما إذا كان يحتوي على بكتيريا هيلوكوباكتر بيلوري. يُعد هذا الاختبار دقيقًا جدًا، ويستخدم في كثير من الحالات للكشف عن الإصابة بالجرثومة.
بالنسبة لاختبار البراز، ليس من الضروري أن يصوم المريض قبل إجراء التحليل. ومع ذلك، يفضل أن يتم جمع عينة البراز في الصباح بعد الاستيقاظ، حيث أن النتائج تكون أكثر دقة عندما يكون البراز طازجًا.
4. تنظير المعدة مع أخذ عينات من الأنسجة
في بعض الحالات التي تتطلب فحصًا دقيقًا، قد يطلب الطبيب إجراء تنظير للمعدة. يتم خلال هذا الإجراء إدخال أنبوب مرن يحتوي على كاميرا صغيرة لداخل المعدة لمعاينة جدران المعدة وأخذ عينات من الأنسجة لتحليلها. يتم استخدام هذه الطريقة في حالات معينة، مثل الإصابة بالقرحة المعدية الشديدة أو في حال كانت النتائج غير واضحة من خلال الاختبارات الأخرى.
في هذه الحالة، يجب أن يكون المريض صائماً لفترة تتراوح بين 6-8 ساعات قبل إجراء التنظير. يساعد الصيام في تفريغ المعدة من الطعام، مما يسهل على الطبيب رؤية جدران المعدة بشكل أفضل. كما أن الصيام يقلل من خطر التقيؤ أثناء إجراء التنظير.
تأثير الطعام والشراب على نتائج التحاليل
الطعام والشراب قد يؤثران بشكل كبير على نتائج بعض اختبارات جرثومة المعدة. على سبيل المثال، تناول الطعام أو المشروبات الغازية قبل إجراء اختبار التنفس قد يؤدي إلى تفاعلات غير صحيحة في نتائج التحليل. كما أن بعض الأطعمة قد تحتوي على مواد قد تتداخل مع اختبار البراز، مثل أدوية مضادة للبكتيريا أو المواد الكيميائية في الأطعمة. لذلك، فإن الامتناع عن الطعام والشراب قبل بعض التحاليل أمر ضروري للحصول على نتائج دقيقة.
نصائح قبل إجراء تحليل جرثومة المعدة
-
الامتناع عن تناول المضادات الحيوية: في حال كان الشخص يتناول أدوية مضادة للبكتيريا، يجب إخبار الطبيب بهذا الأمر، حيث أن بعض هذه الأدوية قد تؤثر على نتيجة التحليل. في بعض الحالات، قد يطلب الطبيب التوقف عن تناول هذه الأدوية لمدة تتراوح بين 4-6 أسابيع قبل إجراء التحليل.
-
تجنب تناول الأدوية المعالجة للحموضة: قد تتداخل بعض الأدوية التي تعالج الحموضة أو مضادات الحموضة مع اختبار التنفس أو اختبار البراز. من المهم إخبار الطبيب إذا كان الشخص يستخدم أي من هذه الأدوية بشكل مستمر.
-
الصيام: كما تم ذكره، فإن الصيام لمدة 6-8 ساعات قبل بعض أنواع التحاليل مثل اختبار التنفس وتنظير المعدة أمر بالغ الأهمية للحصول على نتائج دقيقة.
الخلاصة
يمكن القول بأن صيام الشخص قبل إجراء تحليل جرثومة المعدة يعتمد على نوع الاختبار الذي سيخضع له. في بعض الحالات، مثل اختبار التنفس وتنظير المعدة، يكون الصيام ضروريًا للحصول على نتائج دقيقة. بينما في اختبارات الدم واختبار البراز، لا يحتاج المريض إلى الصيام. وبغض النظر عن نوع التحليل، من الضروري اتباع تعليمات الطبيب بدقة لضمان إجراء التحليل بشكل صحيح وضمان الحصول على نتائج دقيقة.
