“بدايات فلسفة التاريخ البورجوازية” للكاتب ماكس هوركهايمر يُعد أحد النصوص البارزة التي فتحت أفقًا جديدًا للقراء العرب لاكتشاف الفكر الفلسفي لهذا المفكر الأوروبي البارز في القرن العشرين، الذي اشتهر بتأسيسه لمدرسة “الفلسفة النقدية” بالتعاون مع تيودور أدورنو، وإشرافه على “معهد العلوم الاجتماعية” في فرانكفورت، حيث أثّر بشكل كبير في تطوير علوم الإنسان ووضع أسس “سوسيولوجيا المعرفة” كعلم مستقل بمنهجه وموضوعاته. ويأتي هذا الكتاب ليستعرض الأفكار الرئيسية التي طرحها هوركهايمر بشأن العلاقة بين الأيديولوجيا والمعرفة، وبين الأيديولوجيا والبوتوبيا، بالإضافة إلى دور الأيديولوجيا والبوتوبيا في الصراع الاجتماعي، وغير ذلك، من خلال استعراض وتحليل دقيق لأفكار كبار المفكرين الأوروبيين مثل مكيافيلي، وهوبز، وكامبانيلا، ومور، وفيكو، وهيجل.
يتجاوز هوركهايمر في هذا الكتاب مجرد تناول تاريخ الأفكار والأيديولوجيات السياسية، إذ يعتبرها منصة لاستعراض المشكلات الراهنة التي يواجهها الإنسان والعلم، ويبتعد عن الإبتذال الأيديولوجي الذي يمكن أن يشوه الفهم والتحليل العميق. وبذلك، يقدم هوركهايمر نظرة نقدية معمقة على الفلسفة التاريخية للبورجوازية، مسلّطًا الضوء على جوانب تلك العلاقات الثقافية والاجتماعية والفكرية التي تشكلت وتطورت في ظل البورجوازية.
مع العلم أن هذا الكتاب يتألف من 112 صفحة، وقد صدر عام 2012 عن المنظمة العربية للترجمة، ما يعزز مكانته كمصدر مرجعي هام في فهم الفلسفة المعاصرة، خاصة في فهم السياق الاجتماعي والتاريخي الذي نشأت وتطوّرت فيه أفكار هوركهايمر وزملائه. ويُضاف إلى ذلك أن غلافه الورقي يمثل إضافة تقنية تعزز من قيمته ككتاب جذاب وسهل التنقل والاستفادة من محتواه.
باختصار، يعتبر “بدايات فلسفة التاريخ البورجوازية” إضافة قيّمة لمكتبة الفلسفة المعاصرة، حيث يقدم تحليلاً نقدياً عميقاً لعلاقة البورجوازية بالأفكار والمعرفة، مع تركيز ملحوظ على التحليل الفلسفي للتحولات الاجتماعية والثقافية التي عاشتها المجتمعات في العصر الحديث.