في كتاب “التعقيب المصدري ودلالاته في القرآن الكريم وأبحاث أخرى” الذي صاغه الباحث واللغوي البارع وائل الحربي، يتجلى عبقريته في استعراض خمسة أبحاث لغوية نقدية تم نشرها في مجلات علمية محكمة، مكرسًا فيها عنايته لدراسة ظاهرة لغوية مهمة، هي “التعقيب المصدري ودلالاته في القرآن الكريم”.
تأتي هذه الأبحاث كتحف فكرية تتنوع في مضمونها وتعمق في تحليلها، حيث يتسلح الباحث بمنهجية دقيقة لفهم الأساليب اللغوية التي امتازت بها اللغة القرآنية في تعبيرها عن هذه الظاهرة. يقدم الحربي في البحث الأول لمحة عن طبيعة التعقيب المصدري، ملمحًا إلى أصوله وتأثيراته على فهم النص القرآني.
يستعرض الباحث في البحث الثاني جوانب أسلوبية للغة القرآن الكريم التي تتجلى من خلال ظاهرة التعقيب المصدري، مسلطًا الضوء على كيفية تميز هذه اللغة وفرادتها في التعبير عن المفاهيم.
في البحث الثالث، يقدم الحربي نقدًا مستفيضًا للتعقيب المصدري ويبحث في السياقات التي يمكن أن تتأثر بتلك الظاهرة اللغوية، مسلطًا الضوء على دلالاتها المتعددة وتأثيرها في فهم النصوص الدينية.
تكمن القيمة الفائقة للكتاب في البحث الرابع، حيث يتحد الحربي بالنظر إلى التعقيب المصدري كظاهرة لغوية متقدمة، يحلل فيها كيف أن اللغة القرآنية استخدمت هذا الأسلوب الأدبي ببراعة لنقل معاني دقيقة وعميقة.
يختم الكتاب بالبحث الخامس الذي يشكل ختامًا متينًا لهذا المشروع اللغوي، حيث يقدم الحربي تلخيصًا شاملاً لنتائج أبحاثه ويقدم توجيهات للبحوث المستقبلية في هذا الميدان.
يمتلك هذا الكتاب الذي نشر في عام 2008 من قبل دار الفكر المعاصر، بغلافه الكرتوني الأنيق، قيمة فائقة في فهم اللغة القرآنية والتفاعل معها على مستوى لغوي عالي. يمتزج الكاتب ببراعة بين العمق اللغوي والتحليل النقدي، مما يجعل هذا الكتاب إسهامًا مهمًا وفريدًا في ميدان الدراسات اللغوية الإسلامية.