تحسين التغذية الراجعة للموظفين

4 خطوات يمكن أن تتخذها الموارد البشرية لتحسين التغذية الراجعة للموظفين

في بيئات العمل الحديثة، يُعتبر تقديم التغذية الراجعة بشكل فعال واحداً من أهم العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على أداء الموظفين ورفاهيتهم داخل المؤسسات. تعتبر التغذية الراجعة أداة حيوية في تحسين مستوى الأداء وتعزيز التفاعل بين الموظفين والإدارة، فضلاً عن دعم تطويرهم المهني والشخصي. ورغم أن معظم الشركات تعتمد على التغذية الراجعة كجزء أساسي من ثقافتها التنظيمية، فإنها غالباً ما تعاني من تحديات تتعلق بكيفية توجيهها بشكل صحيح وفعال. ومن هنا، تصبح الحاجة إلى تحسين آلية تقديم التغذية الراجعة في المؤسسات ضرورة لا غنى عنها.

في هذا المقال، سنستعرض أربع خطوات استراتيجية يمكن أن تتخذها إدارة الموارد البشرية لتحسين نظام التغذية الراجعة للموظفين وضمان تحقيق أقصى استفادة منها.

1. تعزيز ثقافة التغذية الراجعة المستمرة

الخطوة الأولى التي يمكن أن تتخذها إدارة الموارد البشرية لتحسين التغذية الراجعة هي تعزيز ثقافة التغذية الراجعة المستمرة داخل المؤسسة. يتعين على فرق الموارد البشرية العمل على تحفيز الموظفين والإدارة على أن يكونوا متقبلين للتغذية الراجعة بشكل دوري. هذا يتطلب تحويل التغذية الراجعة من كونها حدثًا نادرًا يرتبط بتقييمات سنوية إلى جزء من الثقافة اليومية في المؤسسة. عندما يُشجع الموظفون على تلقي التغذية الراجعة بشكل منتظم، يتسنى لهم تحسين أدائهم بشكل مستمر واتخاذ الإجراءات التصحيحية في وقت مبكر، مما يقلل من احتمالية وقوع الأخطاء الكبيرة التي قد تؤثر على الإنتاجية.

لتعزيز هذه الثقافة، يمكن للمؤسسة تنفيذ بعض المبادرات التي تشمل:

• التغذية الراجعة الفورية: جعل التغذية الراجعة جزءًا من كل تفاعل يومي. يمكن للمديرين أن يقدموا ملاحظات إيجابية أو تصحيحية بشكل فوري، مما يعزز من الوعي لدى الموظف حول أدائه.

• تشجيع التفاعل بين الزملاء: يمكن للموارد البشرية تشجيع الموظفين على تقديم التغذية الراجعة لبعضهم البعض في إطار العمل الجماعي، مما يساهم في بناء ثقافة من الدعم المتبادل.

• التواصل المستمر: عقد جلسات جماعية أو فردية دورية تتضمن التغذية الراجعة بين الموظفين والمديرين، وليس فقط أثناء التقييم السنوي.

2. تدريب المديرين على تقديم التغذية الراجعة البناءة

المديرون يشكلون حلقة الوصل الرئيسية بين الموظفين والإدارة، وهم الذين يتعاملون مع التغذية الراجعة بشكل يومي. وبالتالي، يعد تدريب المديرين على كيفية تقديم التغذية الراجعة بشكل بناء وأسلوب إيجابي أمرًا بالغ الأهمية. التغذية الراجعة التي تُقدم بأسلوب غير لائق أو قاسي يمكن أن تؤدي إلى تراجع معنويات الموظف وتدمير الثقة بين الموظف والإدارة، مما قد يؤثر سلبًا على بيئة العمل بشكل عام.

يجب على قسم الموارد البشرية تنظيم ورش عمل تدريبية لمديري الأقسام لتمكينهم من تقديم تغذية راجعة تؤدي إلى التحفيز والتطوير، وليس الإحباط. يشمل هذا التدريب عدة مهارات مثل:

• الاستماع الفعّال: يجب على المديرين تعلم كيفية الاستماع بشكل جيد للموظفين لفهم مشاعرهم واحتياجاتهم قبل تقديم أي ملاحظات.

• التوازن بين الإيجابيات والسلبيات: على المديرين أن يقدموا ملاحظات متوازنة تشمل التعرف على نقاط القوة وكذلك المجالات التي تحتاج إلى تحسين. التركيز على الإيجابيات يساعد الموظف على الشعور بالتقدير والتحفيز، في حين أن تسليط الضوء على السلبيات يجب أن يكون بنّاءً وغير جارح.

• التوضيح والشرح: من الضروري أن يُوضح المدير للموظف سبب تقديم التغذية الراجعة وكيفية تحسين أدائه في المستقبل. ينبغي أن تركز التغذية الراجعة على السلوكيات والنتائج بدلاً من الشخص نفسه.

3. استخدام التكنولوجيا لتحسين عملية التغذية الراجعة

من أجل تسريع وتحسين عملية تقديم التغذية الراجعة، يمكن لإدارة الموارد البشرية استخدام التكنولوجيا الحديثة. تتيح الأدوات الرقمية والبرمجيات المتخصصة إمكانية توفير تقييمات دقيقة وفورية مع ضمان الخصوصية والشفافية في تقديم الملاحظات. من خلال منصات الإنترنت المخصصة للتغذية الراجعة، يمكن أن يحصل الموظفون على ملاحظات دقيقة وشاملة من الزملاء والمديرين، ويُمكن للموارد البشرية متابعة العملية بسهولة وتحليل البيانات المرتبطة بها.

تتمثل بعض طرق استخدام التكنولوجيا في تحسين التغذية الراجعة فيما يلي:

• الاستطلاعات الرقمية: يمكن إرسال استبيانات دورية عبر الإنترنت لجمع التغذية الراجعة من الموظفين حول أدائهم أو حول بيئة العمل بشكل عام. يمكن أن توفر هذه الاستطلاعات رؤى قيمة حول كيفية تحسين العمل الداخلي.

• منصات إدارة الأداء: تساعد الأدوات الرقمية مثل منصات “إدارة الأداء” على تتبع تقدم الموظف بشكل مستمر، حيث يمكن للموظفين والمديرين تقديم التغذية الراجعة في أي وقت، وتستطيع إدارة الموارد البشرية مراقبة التقدم في مجالات مختلفة.

• التغذية الراجعة الذاتية: من خلال منصات التكنولوجيا، يمكن للموظف تقييم نفسه وتحليل أدائه بشكل دوري، وهو ما يسهل على المديرين تقديم ملاحظات تستند إلى التقييم الذاتي للموظف.

4. تشجيع الموظفين على تقديم التغذية الراجعة حول القيادة والإدارة

لتعزيز عملية التغذية الراجعة بشكل شامل، يجب على إدارة الموارد البشرية تشجيع الموظفين على تقديم التغذية الراجعة حول المديرين وأسلوب القيادة في المؤسسة. ذلك لا يساعد فقط في تحسين أداء القيادة بل أيضًا في تعزيز الشعور بالعدالة والشفافية داخل الشركة. عندما يتاح للموظف فرصة إبداء رأيه حول الإدارة، فإنه يشعر بأن صوته مسموع وأنه جزء من عملية تحسين بيئة العمل.

لتحقيق هذا الهدف، يمكن للموارد البشرية تنفيذ الآتي:

• استطلاعات التغذية الراجعة من الموظفين حول القيادة: تنظيم استبيانات دورية للحصول على آراء الموظفين حول أسلوب القيادة والاتصال داخل الشركة. مثل هذه الاستطلاعات تقدم إشارات حيوية حول كيفية تحسين أسلوب الإدارة.

• فتح قنوات للتواصل: إنشاء قنوات آمنة حيث يمكن للموظفين تقديم ملاحظات صادقة حول القيادة بدون خوف من العواقب. يمكن أن تشمل هذه القنوات جلسات حوارية أو منصات إلكترونية مجهولة.

• ثقافة الثقة والشفافية: يجب على الإدارة أن تبني ثقافة من الشفافية والمساءلة، مما يشجع الموظفين على التعبير عن آرائهم دون الخوف من الانتقام.

الخلاصة

تحسين التغذية الراجعة للموظفين يتطلب اتباع منهج شامل يتضمن تقوية الثقافة المؤسسية، تدريب المديرين، الاستفادة من التكنولوجيا، وكذلك تعزيز الحوار المفتوح بين الموظفين والإدارة. عبر تنفيذ هذه الخطوات بشكل فعّال، يمكن للمؤسسات أن تحفز الموظفين، وتساعدهم في تحسين أدائهم المهني، وتعزيز بيئة العمل بشكل عام. في نهاية المطاف، تساهم التغذية الراجعة في تعزيز الشعور بالتقدير، وبناء ثقافة من التحسين المستمر، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية ورفاهية الموظفين.