تحديد المشكلة العلمية والاشكالية الفلسفية يمثلان خطوتين حاسمتين في سياق البحث العلمي والفلسفي على حد سواء. إن فهم الفرق بينهما يسهم في تحديد مسار البحث وتوجيه الجهود نحو تحقيق أهداف محددة. سنبدأ بالنظر إلى تحديد المشكلة العلمية.
تحديد المشكلة العلمية يعد خطوة أولية حيوية في عملية البحث العلمي. يتضمن هذا الجانب من العمل محاولة فحص الفجوات المعرفية في المجال الذي يدرسه الباحث، وتحديد السؤال الرئيسي الذي يسعى البحث إلى الإجابة عنه. يشمل تحديد المشكلة العلمية تحديد نطاق البحث، واستنباط فرضيات يمكن اختبارها بواسطة الأدلة العلمية. يكون الهدف هنا هو توجيه الجهود نحو فهم أعمق لظاهرة أو تطوير مفهوم معين في إطار العلم.
من ناحية أخرى، الاشكالية الفلسفية تمثل جانبًا أكثر تعقيدًا وتجريبيًا من عملية تحديد المشكلة العلمية. تنطوي الاشكالية على النظر في الجوانب الفلسفية والنظرية للموضوع المدروس. يمكن تصوير الاشكالية كإطار فلسفي يحدد السياق العام للبحث. يتطلب تحديد الاشكالية إدراكًا عميقًا للتاريخ والفلسفة المرتبطة بالمجال، ويشمل تحليلًا للمفاهيم والأفكار التي تحكم النقاش في هذا السياق.
تتيح الاشكالية الفلسفية للباحث تأمل أعمق في الجوانب الأخلاقية والأنسانية المرتبطة بالموضوع، مما يسهم في تحديد تأثيره على المجتمع والفهم العام. يمكن أن تكون الاشكالية أيضًا وسيلة لتحديد المفاهيم الأساسية التي يعتمد عليها الباحث في فهم الموضوع.
باختصار، يرتبط تحديد المشكلة العلمية بتحديد السؤال البحثي والفرضيات المحتمل اختبارها، بينما تتعلق الاشكالية الفلسفية بوضع إطار فلسفي يعكس السياق الأوسع والجوانب الأكثر تعقيدًا وتجريبية للموضوع. يعمل كل منهما بتكملة الآخر لتوجيه جهود الباحث نحو فهم أشمل وعميق للموضوع المدروس.
المزيد من المعلومات
في عملية تحديد المشكلة العلمية، يلجأ الباحث إلى إجراء استعراض شامل للأدبيات المتاحة في المجال الذي يعمل فيه. يهدف هذا الاستعراض إلى فهم البحث السابق وتحديد الفجوات أو النقاط التي لم يتم التركيز عليها بشكل كافٍ. كما يسعى الباحث إلى تحديد التحديات التي قد تواجهه أثناء تنفيذ البحث وتوجيه انتباهه نحو المفاهيم الرئيسية التي سيتعامل معها.
في سياق تحديد الاشكالية الفلسفية، يتعمق الباحث في التفكير الفلسفي والنظرية المرتبطة بالموضوع. يستعرض الباحث الجوانب الأخلاقية والفلسفية التي قد تكون مرتبطة بالمجال، ويبحث في كيفية تأثير البحث على المجتمع والعالم بشكل عام. يتيح هذا النهج للباحث إضافة طابع فلسفي للبحث، مما يسهم في فهم أعمق للمعاني والقيم المرتبطة بالموضوع.
يجب أن يكون تحديد المشكلة العلمية والاشكالية الفلسفية عملية تفصيلية ودقيقة. ينبغي للباحث أن يكون قادرًا على صياغة الأهداف البحثية بوضوح وتحديد الطريقة التي سيتبعها لجمع البيانات وتحليلها. يمكن أن يسهم هذا في تحقيق أهداف البحث بكفاءة أكبر.
تكمن أهمية تحديد المشكلة العلمية والاشكالية الفلسفية في توجيه البحث نحو الاتجاهات الصحيحة وتحديد مسار العمل البحثي بشكل فعّال. يعتبر تحديد الاشكالية الفلسفية خطوة إضافية تضيف طابعًا متعمقًا إلى البحث، مما يسهم في تحقيق فهم أشمل وشامل للموضوع المدروس.