“تحت شمس توسكانا: في المنزل في إيطاليا” للكاتبة فرانسيس مايز هو عمل أدبي يندرج تحت فئة السير الذاتية السفرية، وقد صدرت طبعته الأولى في سبتمبر من عام 1997 عن دار نشر كراون. يعد هذا الكتاب بمثابة مذكرة مكتوبة بأسلوب شاعري جذاب، تستكشف فيها مايز جمال الحياة في ريف توسكان الإيطالي، وذلك من خلال تجربتها الشخصية في شراء وترميم فيلا مهجورة تُدعى “براماسول”. تمكنت مايز من خلال هذه التجربة ليس فقط من استعادة بنية الفيلا، بل من إعادة اكتشاف ذاتها واستقرارها الروحي والعاطفي.
تقدم فرانسيس مايز، التي تمتلك خلفية غنية كشاعرة وكاتبة مقالات سفر وطاهية ممتازة، نصاً يفيض بوصف دقيق وحي لتفاصيل الحياة اليومية في توسكانا، من الأطعمة الشهية إلى الطقوس اليومية والتقاليد المحلية. يشتمل الكتاب على العديد من وصفات الطعام الموسمية، التي لا تقدم فقط كوصفات للطهي بل كجزء لا يتجزأ من التجربة الثقافية والحياتية في توسكانا. هذه الوصفات تضفي نكهة خاصة على الكتاب، فهي تمزج بين الذاكرة والمذاق، وتشكل جسرًا بين الثقافات والأزمنة.
الإصدار الذي يُحتفى به بمناسبة الذكرى العشرين لأول نشر للكتاب يتضمن مقدمة جديدة كتبتها مايز، تعرض فيها تحديثات عن الشخصيات والمواقع التي جاء ذكرها في الطبعة الأصلية. هذه المقدمة تقدم للقراء رؤية أعمق لما تلا تلك السنوات من تغييرات، سواء على مستوى الفيلا نفسها أو في حياة مايز.
بالإضافة إلى النص الأدبي الممتع، يستحضر الكتاب تجارب تحولية شخصية يمكن أن يستلهم منها القارئ الرغبة في استكشاف عوالم جديدة أو تجربة أشياء لم يألفها من قبل. “تحت شمس توسكانا” ليس مجرد رواية عن السفر، إنه دعوة للمغامرة واستكشاف الذات من خلال التفاعل مع الثقافات والمناظر الطبيعية.
يُعتبر هذا الكتاب مثالًا يحتذى به في الأدب السفري، حيث يلهم القارئ ليس فقط لزيارة الأماكن بل ليعيشها بكل حواسه. توظف مايز اللغة بطريقة تُبرز العلاقة العميقة بين الإنسان والمكان، بين الداخل والخارج، وبين الماضي والحاضر، وتترك في النفس أثراً لا يُمحى. بالتأكيد، “تحت شمس توسكانا” هو عمل يُظهر بجلاء كيف يمكن لمكان ما أن يُحدث تحولاً جذرياً في مسار حياة الفرد.
في النهاية، الكتاب يمثل خلاصة تجربة فرانسيس مايز الغنية والمتعددة الأبعاد في توسكانا، التي تتجاوز كونها مجرد تجربة شراء وترميم عقار إلى أن تصبح رحلة إعادة اكتشاف الذات والانغماس في التفاصيل اليومية والجمال الذي يمكن أن يوفره الانتباه للحظات البسيطة. تقدم مايز عبر صفحاته دعوة مفتوحة لكل من يرغب في التحرر من روتين الحياة اليومية والانطلاق في مغامرات جديدة قد تكون بعيدة المنال للبعض، لكن