تجسيد المحامية في السينما المصرية: بين النمطية والحاجة إلى التنوع

تنظر تهاني الجبالي، الناشطة التي عملت بلجنة النهوض بالمرأة العربية في اتحاد المحامين العرب، إلى تجسيد شخصية المرأة المحامية في السينما بتفاوت ما بين تحيزها لقضايا المرأة فقط وبين صراعها الدائم للمنافسة مع الرجل والنجاح في التفوق عليه. تعتبر أن السينما قد ظلمت المحامية عبر عدة مراحل، وأن الوعي الجماعي لم يستشعر تأثير ذلك إلا بعد مرور الوقت، حين بدأت الجيل الجديد في إدراك الصور النمطية التي أرسختها السينما في وجدانهم.

تستعرض تهاني تاريخ السينما المصرية، حيث تجاوزت فكرة الصراع لإثبات قدرة المرأة كمحامية. تُشير إلى أنها قدمت نماذج تاريخية مثل “الأفوكاتو مديحة” و”الأستاذة فاطمة” في بدايات انخراط المرأة بالمحاماة. ومع ذلك، تعتبر أن هذه الصور قد قصرت في تمثيل تنوع الشخصيات النسائية في هذا المجال.

تبرز تجربتها الشخصية كمحامية على مدى 30 عامًا، حيث كان هناك محاميات بارزات أمامها، مثل “ناريمان عبد القادر” و”مفيدة عبد الرحمن” و”فريدة حسان”، وتشير إلى أن هؤلاء النماذج لم تظهر بشكل كامل في السينما، مما يشير إلى تقصير السينما في تمثيل واقع المرأة المحامية.

تعبر تهاني عن استياءها من انفصال السينما عن الواقع، حيث لم تلتفت إلى تأثير النماذج الحقيقية للمرأة المحامية. تؤكد أنه لو قدمت السينما قصص نجاح حقيقية مثل قصة الأستاذة نعيمة الأيوبي، كان ذلك قد ساهم في تغيير الصورة الذهنية حيال المحامية.

تشير تهاني إلى التفاوت في تجسيد دور المحامي في السينما، مستعرضة أمثلة متنوعة مثل “مصطفى خلف” و”أحمد ذكي” في فيلم “ضد الحكومة”، حيث كان يظهر المحامي بقوته وتأثيره في المرافعة. تتحدث أيضًا عن دور الفنان “زكي رستم” في فيلم “هذا ما جناه أبي”، حيث كان يتميز بلغته الفصيحة ويجسد جانباً واقعياً من المحاماة.

تعلق تهاني على قوانين الرقابة في السينما، معارضة للضغط على الإبداع، وترى أن هناك حاجة لفتح آفاق أوسع للتفكير وتقبل التنوع في الأعمال الفنية. تستند إلى رأيها كمحامية في هذا السياق، مشيرة إلى أهمية عدم تقييد حرية التعبير الفني وترك المجال مفتوحًا للأفكار المبتكرة والمتنوعة.

تواصل تهاني الجبالي تحليلها لتجسيد المحامية في السينما، حيث تشير إلى أن السينما المصرية كانت قد قدمت صورًا نمطية للمحامين الإناث، مما أدى إلى إظهار صورة محددة للمرأة المحامية دون استعراض تنوع أو واقعية في الأدوار. تشدد على أن هذا التقديم النمطي قد أخفى الكثير من النجاحات والإسهامات الفعلية التي قدمتها المرأة في مجال المحاماة.

تذهب تهاني لتبرز الفروق بين صور المحامين والمحاميات في السينما، مُقارنة بين الشخصيات الصالحة والطالحة. تشير إلى أن الشخصيات الرجالية كانت تظهر بتنوع أكبر، بينما كانت الصور النمطية للمحاميات تترك التنوع والتميز جانبًا. كما تتحدث عن اللغة الفصيحة التي استعملها الفنان زكي رستم في دور المحامي، مُظهرة كيف أن هذا الجانب قد تغير بمرور الوقت، حيث أصبح اللغة العربية الفصيحة أقل اهتمامًا في الأعمال السينمائية الحديثة.

تستعرض تهاني تجربتها الشخصية كمحامية، حيث تُذكر بمحاميات بارزات أمامها وتؤكد على أن السينما لم تعكس بشكل كامل واقع المرأة المحامية. تركز على الحاجة إلى تغيير الصورة النمطية والتركيز على القصص الحقيقية للنجاح والإسهام الذي قدمته المرأة في مجال المحاماة، لكي يتمكن الجمهور من الوعي بالتنوع والتطور في هذا المجال.

تُعبر تهاني عن رفضها للضغط على الإبداع السينمائي وتعتبر أن هناك حاجة إلى فتح النقاش حول القوانين المنظمة للفن في مصر، مُشددة على أهمية الحرية الإبداعية وحق الفنانين في التعبير عن آرائهم بحرية. تبرز أهمية أن يكون القانون والرقابة منصفين ومتساوين للجميع، مع الحفاظ على توازن بين حقوق الفنانين والمسؤوليات المجتمعية.