تعد تجربة السلطة المحلية في اليمن محورًا هامًا يستحق التحليل والدراسة، وهو ما قام به الباحث عبد الرحمن أحمد المختار في كتابه الموسوم بعنوان “تجربة السلطة المحلية في اليمن؛ دراسة قانونية تحليلية نقدية”. يتسم هذا العمل بالنظرة القانونية الفاحصة والتحليل العميق لتلك التجربة، حيث يسعى الباحث إلى إلقاء الضوء على جوانب متعددة تشكل الأساس لتقييم شامل لمدى نجاح أو فشل تلك التجربة.
في بداية الدراسة، يركز المختار على الهدف الأساسي لنظام السلطة المحلية، الذي يتمثل في توفير الآليات اللازمة لتمكين الهيئات المحلية – بغض النظر عن أسلوب تشكيلها – من إدارة شؤون المجتمع المحلي. ويركز الباحث بشكل خاص على أهمية توزيع الاختصاصات الإدارية بين الأجهزة المركزية والهيئات المحلية، مشيرًا إلى أن هذا التوزيع يساهم في تخفيف الأعباء عن كاهل السلطة المركزية، خاصة مع توسع نشاطها الإداري وتدخلها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
يعيد المؤلف النظر في نظام الإدارة المحلية ككل، مشيرًا إلى أنه ليس نظامًا حديثًا يتعلق بالدولة الحديثة، بل هو نظام قديم يعود لجذور البشرية نفسها. ومع تقدم الإنسان وتطوره، تختلف تطبيقات هذا النظام من بلد إلى آخر، مما يعكس تباينًا في تبني الدول للمبادئ الديمقراطية أو ابتعادها عنها.
تسلط الدراسة الضوء أيضًا على التجربة الديمقراطية في اليمن بعد عام 1990، والتي تبوأت الإدارة المحلية دورًا مهمًا ضمنها. ورغم وجود جوانب إيجابية متعددة، إلا أن الدراسة تُلقي الضوء أيضًا على السلبيات التي لا تخلو أي تجربة ديمقراطية منها. ومن هنا يظهر أهمية التقييم المستمر لتلك التجربة، وذلك من خلال الدراسات والندوات والمؤتمرات التي تعنى بتحليل وتطوير تطبيقات الإدارة المحلية على مختلف مستوياتها.
يتكامل العمل بمقدمته وفصوله المتعددة، البالغ عددها 87 صفحة، ليقدم قراءه مرجعًا قيمًا في مجال الدراسات القانونية والتحليل السياسي، ويسهم بإثراء النقاش حول التحولات الديمقراطية في اليمن وكيفية تطور وتشكل السلطة المحلية جزءًا لا يتجزأ من هذه العملية.