في كتاب “الإمام محمد عبده مجدد الإسلام” للمؤلف محمد عمارة، يُسلّط الضوء على الشخصية الفذّة للإمام محمد عبده، الذي سعى إلى تحقيق تجديد شامل في الفكر الإسلامي. إنه ليس مجرد تنقية للدين من البدع والخرافات والإضافات، بل هو تجديد يمتد إلى أبعد الحدود، يستند إلى العقلانية والمنطق ويُحاول تلبية احتياجات العصر الحديث.
تطرح صفحات الكتاب فلسفة دينية عقلانية، تبرز فيها الأفكار الرائدة للإمام عبده التي تجعل العقل سيداً في فهم الدين وتطبيقه. فالإسلام عنده ليس مجرد مجموعة من الشعائر والعبادات، بل هو نظام شامل يتجاوب مع متطلبات الحياة اليومية بروحانية عالية وعقلانية متقدمة.
وفي ظل تنوع التيارات الفكرية والدعوات المتعددة التي تتبنى وجهات نظر متنوعة حول الدين ودوره في المجتمع، يظهر الكتاب بوصفه مصدرًا ثريًا لفهم مفهوم التجديد الديني الذي دعا إليه الإمام محمد عبده. يتميز هذا التجديد بالتوازن بين الإيمان والعقل، وبين التراث والحداثة، بهدف تقديم بديل شامل للمجتمع يتخطى التجميد والتحجر، ويقوده نحو مستقبل مشرق ينبعث منه العلم والتقدم.
وعلى الرغم من أن الكتاب يعرض مدرسة التجديد الديني بوجه عام، إلا أنه يركز بشكل خاص على إسهامات الإمام محمد عبده في هذا المجال، حيث يعتبره المهندس الأعظم لهذا الفكر. ومن خلال تحليله لأفكاره ومناهجه، يقدم المؤلف محمد عمارة تفسيراً مفصلاً لرؤية الإمام عبده ومساهمته في التجديد الديني، مما يجعل الكتاب مرجعًا أساسيًا لفهم هذا النهج الفكري والعملي.
وبهذا، يقدم الكتاب جهدًا بنّاءً وشاملاً للبحث في أسئلة هامة تتعلق بالهوية والبدايات والمستقبل، وهو يعتبر إسهامًا قيمًا في المناقشات الفكرية والعقائدية التي تشهدها المجتمعات المعاصرة.