في كتاب “المسرح في لبنان الشمالي منذ نشأته حتى نهاية القرن العشرين” الذي ألفه الكاتب نزيه كبارة، يتناول النص تفاصيل غنية وشاملة عن مسيرة المسرح في هذا الجزء الهام من لبنان على مدى العصور. يفتتح الكتاب بفحص جذور الفن المسرحي في المنطقة، حيث يقدم للقارئ لمحة عن نشأته وتطوره عبر العصور المختلفة. يستعرض الكتاب بعمق تأثير الأحداث التاريخية العربية واللبنانية على مسرحية هذا الإقليم، مسلطًا الضوء على الشخصيات التاريخية التي تركت بصمتها في الوجدان الوطني والقومي.
ومن خلال تحليل دقيق، يقوم الكتاب برصد تأثير الأدب الأجنبي، وخاصة الروايات التاريخية والاجتماعية، على روح المسرح اللبناني. يتجلى هذا التأثير في استلهام فناني المسرح من تلك الآداب، وذلك كجزء من جهودهم في تنمية الوعي وتعزيز المشاعر الوطنية والقومية. يظهر الكتاب كيف أسهم هؤلاء الفنانون في دعم الروح الوطنية خلال فترات النضال والتحديات، سعيًا لتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ الانتماء للوطن والأمة.
ومن خلال رصد مسار المسرح في الشمال اللبناني على مدار القرن العشرين، يسلط الكتاب الضوء على تفاعل الفنانين مع قضايا المجتمع. يعبرون عن هموم الناس وتطلعاتهم، ويقدمون صورًا لأخلاقياتهم. وفي هذا السياق، يدعو الكتاب إلى التحرر من العبوديات المختلفة، مؤكدًا على أهمية الروايات التمثيلية كمدرسة تسعى لتعزيز الوطنية والقومية، وتعليم الأخلاق السامية، والمساهمة في رفعة المجتمع وتحقيق التقدم الاجتماعي.
تتناغم محتويات الكتاب على مدار 604 صفحة بتنظيم دقيق وعميق، حيث يتجلى اهتمام الناشر “ديناميك غرافيك للطباعة والنشر” في تقديم العمل بشكل يتناسب مع أهميته وجودته. يضفي الغلاف الكرتوني للكتاب لمسة جمالية تعزز قيمته الفنية وتجذب القارئ لاستكشاف عالم المسرح في لبنان الشمالي. يتميز الكتاب بتصويره الفريد والشيق للمسيرة المسرحية في هذا الإقليم، مما يجعله مرجعًا ضروريًا لكل من يهتم بتاريخ وفن المسرح في لبنان.