في سواد الأرشيف الزمني يستنطقنا الكاتب عبد العزيز التويجري، مرسماً صورة شيخ جليل يطل علينا بتاريخ ملتوي ومعقد، يعاصر فيه أحداثاً كان له دور بارز في تشكيلها وشهد على ميلاد فصول جديدة في تاريخ المملكة العربية السعودية. يندمج التويجري في تفاصيل ثرية ومشوقة، يبرز من خلالها اللحظات الحاسمة والتحولات الكبيرة التي شهدتها الساحة السعودية خلال العصور الحديثة.
يمتلك هذا الكتاب، الذي يحمل عنوان “أجهدتني التساؤلات معك أيها التاريخ”، قيمة استثنائية في طرحه لتساؤلات معقدة ومفصلة، يرافق فيها القارئ في رحلة تأمل عميقة في أحداث تاريخية ملتبسة. يتقن التويجري فن السرد بأسلوب روائي، حيث يستعرض لنا أحداثاً لا تقتصر على التواريخ الجامدة، بل تمتد لتشمل القضايا الاجتماعية والثقافية التي رسمت ملامح السعودية المعاصرة.
في 248 صفحة من هذا العمل الرائع، يرصد التويجري بدقة وعناية متناهية التفاصيل الدقيقة، ويعززها بالشهادات الشخصية والقصص الشخصية التي أطلع عليها من مصادر موثوقة. يتناول الكاتب الصحافة والإعلام بشكل خاص، حيث يكشف عن كواليس هذا الجانب المهم في بناء الوعي الوطني، ويسلط الضوء على الأحداث والشخصيات التي كتبت تاريخاً جديداً في هذا الميدان.
“أجهدتني التساؤلات معك أيها التاريخ” ليس مجرد كتاب تاريخي، بل هو رحلة فكرية تحمل في طياتها تحليلات عميقة وآراء موضوعية. يتجلى فيه اندماج الكاتب مع المضمون بشكل لا يقتصر على السرد البسيط، بل يتخطى حدود الرواية التاريخية التقليدية، ليقدم قطعة أدبية فريدة تترك انطباعاً قوياً في أذهان القراء.
صدر هذا العمل الرائع عن دار العصر الحديث للنشر، وقد اختير الغلاف العادي ليكمل الأثر الجمالي للمحتوى. يشكل الكتاب إضافة قيمة لفئة الصحافة والإعلام، ويستحق المكانة البارزة في مكتبة كل من يهتم بفهم تفاصيل المرحلة الحديثة في تاريخ المملكة العربية السعودية.