في كتابه المميز بعنوان “تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق”، يأخذنا الكاتب عبد الغني الملاح في رحلة تاريخية مثيرة تستعرض العديد من الحالات التي شكلت عقباتًا أمام تطوير الديمقراطية في هذا البلد العريق. يتناول الملاح بأسلوبه السلس والممتع الكثير من الجوانب القاطعة للحركة الديمقراطية في العراق، حيث يكشف عن العديد من العقبات التي واجهت البلاد وأثرت على مسيرتها السياسية.
تبدأ رحلتنا في استكشاف الحالات المعوقة التي عانت منها العراق، حيث تظهر الكيد والتهافت والفردية كعوامل مؤثرة في تشويه المشهد السياسي. يسلط الملاح الضوء على التنافس الذي دار في خدمة الاستعمار والتسابق في واد سيادة القانون، وهو ما يشير إلى مدى تعقيد الوضع السياسي في تلك الفترة المهمة من تاريخ العراق. وفي هذا السياق، يأخذنا الكاتب في جولة مفصلة تظهر تضارب المصالح والصدق في سلة البيانات السياسية، حيث يركز على تأثير قول “حيث تنتهي سيادة القانون يبدأ الطغيان” في فترة معينة كانت مليئة بسيادة الطبقة الحاكمة وتبادل الشعارات الخادمة للشعب وراء الكواليس.
في ظل هذا الواقع المعقد، يبرز الملاح الديمقراطية كضحية لتناقضات العصر، حيث كانت تتقاطع المنفعة والصدق في سلة ملؤها الأحداث السياسية. يتتبع الكاتب سلوكيات الديمقراطية في تلك الفترة، ملمحًا إلى أنها كانت تعتمد بشكل كامل على المنافع، مما أضفى عليها طابعًا بعيدًا تمامًا عن الصدق. وهنا يطرح الملاح تحليلاً عميقًا للأفكار المطروحة، داعيًا إلى دراسة الأحداث بتفصيل وتحليلها بحياد، ويستند الكتاب بشكل كبير على المعلومات الموثقة التي يقدمها الكاتب كتسجيل دقيق للأحداث والتفاصيل التي شكلت المشهد الديمقراطي في تلك الحقبة الزمنية.
تتسم صفحات الكتاب بالغنى والتنوع، حيث يندرج تحت فئة التاريخ والجغرافيا وتحديدًا في الدراسات التاريخية. ومع صفحاته الـ167، يقدم الكتاب رؤية متكاملة وشاملة حول الحركة الديمقراطية في العراق، مما يجعله إضافة قيمة لمكتبة كل باحث أو مهتم بفهم تطورات الأحداث السياسية في هذا البلد الشامخ. يصدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ويأتي بغلافه العادي الذي يعكس بساطة الشكل وغنى المحتوى.