تأخر الدورة الشهرية وآلامها

تأخر الدورة الشهرية مع وجود آلام: الأسباب والتشخيص والعلاج

تُعتبر الدورة الشهرية جزءًا أساسيًا من حياة كل امرأة في سن الإنجاب، إذ تساهم في تنظيم وظائف الجهاز التناسلي وتعد مؤشرًا صحيًا مهمًا. إلا أن تأخر الدورة الشهرية مع وجود آلام يمكن أن يكون مصدر قلق وقلق لدى العديد من النساء، لما يحمله هذا العرض من دلالات صحية قد تحتاج إلى متابعة دقيقة. في هذا المقال، سنتناول مختلف الأسباب التي قد تؤدي إلى تأخر الدورة الشهرية مع وجود آلام، بالإضافة إلى الطرق المتاحة للتشخيص والعلاج.

1. السبب الرئيسي لتأخر الدورة الشهرية مع وجود آلام

يمكن تقسيم الأسباب المحتملة لتأخر الدورة الشهرية مع وجود آلام إلى فئات متعددة تشمل العوامل الطبيعية، الهرمونية، الطبية والنفسية. سنعرض فيما يلي أبرز الأسباب التي قد تكون مسؤولة عن هذا المزيج من التأخير والآلام:

1.1 التوتر والضغوط النفسية

من أشهر الأسباب التي قد تؤدي إلى تأخر الدورة الشهرية مع آلام هو التوتر النفسي والضغوط الحياتية. يُعتقد أن التوتر يمكن أن يؤثر على توازن الهرمونات في الجسم، مما يؤدي إلى تأخر الدورة الشهرية. هذا التأثير يحدث نتيجة لإفراز الجسم هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، والتي يمكن أن تعرقل إفراز الهرمونات الجنسية المسؤولة عن تنظيم الدورة الشهرية. قد يصاحب هذا التأخير أيضًا آلام في أسفل البطن أو أسفل الظهر، نتيجة لتأثير التوتر على الجهاز العصبي.

1.2 متلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS)

تعتبر متلازمة المبيض متعدد الكيسات من الأسباب الشائعة لتأخر الدورة الشهرية مع آلام شديدة. هذه المتلازمة تؤدي إلى اضطراب في مستويات الهرمونات، مما قد يؤدي إلى تأخر أو انقطاع الدورة الشهرية. تعاني النساء المصابات بهذه المتلازمة من زيادة في هرمونات الذكورة، مما قد يؤدي إلى آلام شديدة أثناء الدورة الشهرية نتيجة لزيادة سماكة بطانة الرحم.

1.3 الاضطرابات الهرمونية

من الأسباب التي قد تؤدي إلى تأخر الدورة الشهرية مع آلام هي الاضطرابات الهرمونية، حيث تتسبب بعض التغيرات في مستوى هرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون في تأخير الدورة. يمكن أن تحدث هذه التغيرات بسبب عدة عوامل، مثل تغيير وسائل منع الحمل أو التغيرات الهرمونية المرتبطة بفترة ما قبل انقطاع الطمث.

1.4 الحمل المبكر

أحد الأسباب الأكثر شيوعًا لتأخر الدورة الشهرية هو الحمل المبكر. في هذه الحالة، قد تشعر المرأة بآلام مشابهة لآلام الدورة الشهرية، والتي قد تُختلط مع الأعراض الطبيعية للحمل. إذا كانت المرأة قد تأخرت في الدورة الشهرية وتشعر بآلام، من الضروري إجراء اختبار حمل للتأكد من سبب التأخير.

1.5 الالتهابات النسائية

الالتهابات التي تصيب الجهاز التناسلي الأنثوي، مثل التهابات الرحم أو المبايض، قد تؤدي إلى تأخر الدورة الشهرية مع آلام شديدة. تشمل هذه الالتهابات التهابات الجهاز التناسلي السفلي والتهاب الحوض، التي قد تسبب آلامًا شديدة قد تتشابه مع آلام الدورة الشهرية، مما يجعل من الصعب تحديد السبب الحقيقي.

1.6 الأورام الليفية الرحمية

الأورام الليفية هي أورام حميدة تتشكل في جدار الرحم. يمكن أن تؤدي الأورام الليفية إلى تأخر الدورة الشهرية، بالإضافة إلى آلام شديدة في منطقة الحوض. هذه الأورام يمكن أن تسبب أيضًا نزيفًا غير طبيعي، مما يجعل من الضروري إجراء فحوصات طبية لتحديد سبب الألم والتأخير.

2. التشخيص

لتحديد سبب تأخر الدورة الشهرية مع آلام، يتطلب الأمر عدة فحوصات طبية دقيقة تشمل:

2.1 الفحص البدني

في البداية، يقوم الطبيب بإجراء فحص بدني شامل لتقييم الأعراض ومعرفة التاريخ الصحي للمريضة. يتضمن هذا الفحص فحص منطقة البطن والحوض لتحديد وجود أي تورمات أو كتل قد تكون مرتبطة بمشاكل مثل الأورام الليفية أو التهاب الحوض.

2.2 الفحوصات المخبرية

قد يحتاج الطبيب إلى إجراء اختبارات الدم لقياس مستويات الهرمونات مثل هرمون الحليب (البرولاكتين)، هرمون الاستروجين، هرمون البروجستيرون، وهرمون FSH (الذي يرتبط بوظيفة المبيضين). كما يمكن أن تكون هناك حاجة لاختبارات لتحديد مستويات الكورتيزول في الدم إذا كان هناك شك في أن التوتر النفسي قد يكون السبب وراء التأخير.

2.3 الفحص بالموجات فوق الصوتية

فحص الموجات فوق الصوتية (السونار) هو أداة طبية رئيسية لتشخيص الحالات التي تؤدي إلى تأخر الدورة الشهرية مع آلام. يمكن استخدام الموجات فوق الصوتية للكشف عن وجود تكيسات على المبايض، أورام ليفية في الرحم أو وجود أي التهابات في منطقة الحوض. هذا الفحص يعد دقيقًا جدًا في الكشف عن التشوهات الهيكلية في الجهاز التناسلي.

2.4 اختبار الحمل

عندما يشك الطبيب في وجود حمل، يتم إجراء اختبار الحمل بواسطة تحليل البول أو الدم. في بعض الحالات، قد تظهر أعراض الحمل المبكر مثل الألم في أسفل البطن وتأخر الدورة الشهرية.

3. العلاج

يعتمد علاج تأخر الدورة الشهرية مع آلام على السبب المحدد الذي تم تشخيصه. فيما يلي أبرز العلاجات المتاحة:

3.1 العلاج الدوائي

• المسكنات: إذا كانت الآلام مرتبطة بالتقلصات الرحمية أو التهابات في الأعضاء التناسلية، يمكن للطبيب أن يوصي باستخدام مسكنات الألم مثل الإيبوبروفين لتخفيف الآلام.

• العلاج الهرموني: في حال كانت الاضطرابات الهرمونية هي السبب، قد يوصي الطبيب بالعلاج الهرموني مثل حبوب منع الحمل أو الأدوية التي تعمل على توازن مستوى الهرمونات في الجسم.

• المضادات الحيوية: في حالة وجود عدوى أو التهاب في الجهاز التناسلي، يمكن أن يوصي الطبيب بالمضادات الحيوية للتخلص من العدوى.

3.2 العلاج الجراحي

في حال كانت المشكلة ناتجة عن أورام ليفية أو تكيسات على المبايض، قد يتطلب الأمر تدخلًا جراحيًا. تتضمن العمليات الجراحية إزالة الأورام الليفية أو إزالة الأكياس المبيضية عبر جراحة المنظار أو جراحة تقليدية.

3.3 التغييرات في نمط الحياة

إدارة التوتر والضغوط النفسية من خلال تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا، التأمل، أو العلاج النفسي قد تكون ضرورية في حالة كانت الاضطرابات النفسية هي السبب الرئيسي لتأخر الدورة الشهرية. كما أن الحفاظ على وزن صحي والتغذية المتوازنة يمكن أن يساعد في استعادة التوازن الهرموني وتحسين الصحة العامة.

3.4 العلاج الطبيعي

توجد بعض العلاجات الطبيعية التي يمكن أن تساعد في تخفيف الألم وتحسين انتظام الدورة الشهرية. بعض الأعشاب مثل الشاي الأخضر والزنجبيل يمكن أن تساعد في تقليل التقلصات والآلام. ومع ذلك، من المهم استشارة الطبيب قبل استخدام أي علاج عشبي للتأكد من أنه آمن ويعمل بشكل جيد مع الحالة الصحية العامة.

4. الخلاصة

إن تأخر الدورة الشهرية مع وجود آلام قد يكون نتيجة لعدة أسباب تشمل التوتر النفسي، الاضطرابات الهرمونية، الحمل المبكر، أو الأمراض مثل متلازمة المبيض متعدد الكيسات أو الأورام الليفية. في كل حالة، من الضروري تشخيص السبب بدقة عبر الفحوصات الطبية المناسبة، حتى يمكن البدء في العلاج المناسب. الحفاظ على نمط حياة صحي، وإدارة التوتر، والعلاج الطبي المناسب يمكن أن يساعد في استعادة الدورة الشهرية وتنظيمها، مما يساهم في تحسين جودة الحياة الصحية للمرأة.