في عالم اليوم حيث تتوغل التكنولوجيا في كل جانب من جوانب حياتنا، يبرز سؤال مهم حول تأثير هذه التكنولوجيا، وبالأخص وسائل الإعلام، على أطفالنا. كتاب “الوالد الآخر: القصة الداخلية لتأثير وسائل الإعلام على أطفالنا” للمؤلف جيمس بي. ستاير، يعد مصدرًا غنيًا وعميقًا يناقش هذه القضية بتفصيل دقيق. نُشر الكتاب لأول مرة في مايو 2002 من قبل دار نشر أتريا، وينتمي إلى فئة الأسرة والعلاقات والتربية.
تنطلق فكرة الكتاب من القلق المتزايد حول الطريقة التي تؤثر بها وسائل الإعلام المتنوعة، مثل التلفزيون، الإنترنت، الأفلام، والألعاب الإلكترونية، على نمو الأطفال وتطورهم. يعتبر ستاير أن وسائل الإعلام قد أصبحت بمثابة “الوالد الآخر” نظرًا لتأثيرها الكبير والمستمر على الأطفال، الذي يمكن أن يكون مفيدًا وضارًا في آنٍ معًا.
الكتاب يكشف كيف أن الأطفال، الذين يتعرضون للبرامج التلفزيونية والأفلام مثل “Dawson’s Creek” و”American Pie” و”The Matrix” وألعاب الكمبيوتر مثل “Doom” و”Quake”، يتعلمون كيفية التفاعل مع عالم الكبار قبل أن يكونوا مستعدين لذلك فعليًا. يُشير ستاير إلى أن هذه الوسائل تعرض بشكل يومي صورًا للجنس والتجارية والعنف، مما يضع الأطفال في مواجهة تحديات نفسية واجتماعية قد لا تكون الأسرة مهيأة للتعامل معها.
من النقاط المهمة التي يطرحها الكتاب هي الحاجة الملحة لتطوير قواعد خاصة لحماية الأطفال في الفضاء الإعلامي، حيث ينتقد ستاير الفكرة الساذجة التي تقول بأن السوق وحده كفيل بحماية الأطفال. يشدد على أنه في جميع المجالات الأخرى من الحياة، نحن نعترف بأهمية وضع قواعد لحماية الأطفال، ولكن عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام، فإننا غالبًا ما نتجاهل هذه الحاجة.
كما يقدم ستاير في كتابه مجموعة من النصائح العملية للأهل لمواجهة هذا التحدي، مثل وضع الأطفال على “نظام غذائي إعلامي” يقلل من تعرضهم للمحتوى الضار، وإيجاد نشاطات بديلة لهم بعيدًا عن شاشات التلفزيون والإنترنت، والتفاعل المستمر معهم لمعرفة آرائهم وتفكيرهم حول البرامج التلفزيونية والإعلانات والأغاني التي يتعرضون لها.
بالإضافة إلى ذلك، يشجع الكتاب القراء على تنظيم مجموعات دعم والتواصل مع القادة الحكوميين ومقاطعة المنافذ الإعلامية التي تستهدف الأطفال بمحتوى غير مناسب. هذه الاستراتيجيات تهدف إلى تعزيز دور الأسرة كمرشد أساسي وحامي للأطفال في مواجهة التأثيرات الإعلامية المحتملة.
“الوالد الآخر: القصة الداخلية لتأثير وسائل الإعلام على أطفالنا” ليس فقط دراسة تحليلية، بل هو دعوة للعمل تسعى لتمكين الآباء والمعلمين وصناع السياسة من فهم ومعالجة التأثير