في عالمنا المعاصر، يظهر النفط كالذهب الأسود الذي يشكل عصب الحياة الحديثة، وتتجلى أهميته بشكل لا يمكن إنكاره لدى الدول الصناعية الكبرى، حيث تتحول المناطق المنتجة للنفط إلى مناطق استراتيجية تهم الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي تسعى جاهدة لضمان تدفق النفط من تلك المناطق، حتى وإن استدعى الأمر اللجوء إلى سياسات الاحتلال. يأتي هذا الكتاب، الذي يحمل عنوان “النفط وتأثيره في العلاقات الدولية”، كدراسة أكاديمية شاملة نالت إعجاب الباحث وجعلته يحصل على شهادة الدكتوراه بتقدير مشرف.
تتناول دراسته هذه كل جوانب النفط، بدءًا من مراحل تنقيبه واستخراجه وتكريره وصولاً إلى تسويقه وكل ما يتبع ذلك. يبدأ الباحث بتعريف النفط، مستعرضًا كيف تم اكتشافه، ومقدمًا تعريفًا شاملاً للشركات المتعددة الجنسيات، مشددًا على أهدافها وآليات عملها وارتباطاتها. ومن ثم، يسلط الضوء على دور هذه الشركات في صنع القرارات داخل بلدانها وفي الدول المنتجة للنفط، حيث أصبحت تسيطر هذه الشركات على النظام العالمي بدلاً من الحكومات، وتفرض شروطها القاسية على الدول المنتجة.
يُخصص فصل في الكتاب للنظرة الشاملة على أهمية النفط في التجارة الدولية، وكيف تسودت المصالح الأمريكية والبريطانية والفرنسية في صراعها، وانتهت الأمور بسيطرة الولايات المتحدة. ويتناول الباحث أيضًا الواقع الاقتصادي والسياسي للنفط العربي، مستعرضًا التحرر والتبعية الاقتصادية والسياسية، واستخدام النفط كسلاح ونتائج ذلك. يختم الكتاب بتحليل للدول الناشئة وتوقعات للمستقبل في مجالات السيطرة والتسعير، وصراع “أوبك” مع المستوردين.
إنه كتاب علمي موضوعي يستحق قراءته من قبل الجميع، حيث يقدم رؤية شاملة وعميقة حول تأثير النفط على العلاقات الدولية. صياغة الباحث لهذه الدراسة تجمع بين الدقة الأكاديمية والوضوح في التقديم، مما يجعلها قراءة لا غنى عنها لفهم تفاعلات النفط في الساحة الدولية.