في كتابه الذي يحمل عنوان “اليهود في مصر منذ الفتح العربي حتى الغزو العثماني”، يقدم الكاتب قاسم عبده قاسم نظرة شاملة وعميقة إلى تأثير الفترة الزمنية الممتدة من فتح مصر على يد العرب حتى الغزو العثماني على حياة اليهود في هذا البلد العريق. يستعرض الكتاب كيفية تعايش اليهود في مصر كمواطنين عاديين تحت راية الدولة الإسلامية، حيث استمدوا حقوقهم وحرياتهم من النظرية السياسية للدولة الإسلامية.
من خلال الكتاب، يُسلط الضوء على الظروف التي عاشت فيها الجالية اليهودية في مصر، وكيف أتاحت لهم الدولة الإسلامية حرية التجارة وممارسة شعائرهم الدينية. يُسلط الكاتب الضوء على الشروط التي وُضعت بعد فتح مصر على يد عمرو بن العاص، حيث تم فرض الجزية على المصريين لتأمينهم على أموالهم وأرواحهم، وكيف شملت هذه الشروط أيضًا اليهود الذين كانوا يعيشون في الإسكندرية وحدها بعد الفتح.
ومع ذلك، يتناول الكتاب بدقة وعمق كيف أثرت تلك الشروط على العلاقة بين الجالية اليهودية وجباة الضرائب، وهل تم الالتزام بهذه الشروط أم تم تجاوزها، مما أدى في بعض الأحيان إلى نشوب حركات من التمرد والعصيان. يُسلط الكاتب الضوء على حالات التمرد التي نشبت في مصر في بداية القرن الثالث الهجري، وكيف اضطر الخليفة المأمون إلى القدوم بنفسه إلى مصر سنة 217 هـ (823م) بهدف إخمادها.
يتناول الكتاب هذه الفترة التاريخية بأسلوب سلس وشيق، مقدمًا للقارئ رؤية فريدة وغنية بالتفاصيل حول كيفية تأثير الأحداث السياسية والاقتصادية والدينية على حياة اليهود في مصر خلال هذه الفترة الزمنية الهامة. ومع غلافه العادي وصفحاته التي تبلغ 68 صفحة، يقدم الكتاب مصدرًا قيمًا لفهم عميق للتفاعل بين الجالية اليهودية والدولة الإسلامية في مصر على مر العصور.