“تشكيل المستقبل: الأحياء والقيم الإنسانية”، من تأليف ستيف أولسون، هو عمل موجه بشكل أساسي نحو القراء غير المتخصصين في العلوم البيولوجية، يقدم هذا الكتاب، الذي تم نشره لأول مرة في فبراير عام 1989 من قبل دار نشر الأكاديميات الوطنية، رؤية شاملة حول الأبحاث المتطورة في أربعة مجالات حيوية هامة وهي الوراثة، التطور، علم الأعصاب، والتطور البيولوجي. يبرز الكتاب كيف تتعدى تداعيات هذه الأبحاث مجال البيولوجيا الأساسية لتشمل قضايا حيوية تؤثر على البشرية، مثل علاج الجينات البشرية والسرطان، وزرع الأعصاب، وتطور الغلاف الجوي.
يتكون الكتاب من عدة أقسام تعرض بالتفصيل كل مجال من المجالات الأربعة، مع التركيز على الطرق التي يمكن من خلالها لهذه الأبحاث أن تحدث تحولات جذرية في فهمنا للحياة وتفاعلنا مع الطبيعة. في مجال الوراثة، يستعرض الكتاب التقنيات الحديثة مثل CRISPR وتأثيرها في إمكانية تعديل الجينات الوراثية بدقة عالية، ما يفتح الباب أمام علاجات مبتكرة لأمراض كانت تُعتبر غير قابلة للشفاء في السابق.
في فصل التطور، يناقش الكتاب كيفية تأثير الأبحاث الجديدة على فهمنا للتطور البيولوجي والتكيفات التي مرت بها الكائنات الحية عبر ملايين السنين، مع التركيز على تأثير هذه التغيرات على البيئة الحالية والمستقبلية.
أما في مجال علم الأعصاب، يتطرق الكتاب إلى الأساليب المتقدمة في دراسة الدماغ والجهاز العصبي، وكيف أن هذه الدراسات تعزز فهمنا للأمراض العصبية وتسهم في تطوير طرق جديدة للعلاج مثل زراعة الأعصاب وتقنيات التحفيز الدماغي.
وفي مجال البيئة، يسلط الكتاب الضوء على التقدم الذي تم إحرازه في فهم العلاقة بين الكائنات الحية والغلاف الجوي، مع التركيز على الآثار المستقبلية للتغيرات البيئية والتطورات التكنولوجية التي قد تساعد في مكافحة التغير المناخي وحماية البيئة.
بين هذه الفصول، يتم تضمين أربعة مقالات تناقش بشكل خاص القضايا الأخلاقية المرتبطة بالتسارع في وتيرة الأبحاث البيولوجية. هذه المقالات توفر للقارئ فرصة للتفكير في كيفية تأثير العلم على القيم الإنسانية والأخلاقيات السائدة في المجتمع، وتطرح أسئلة حيوية حول مسؤوليات العلماء والمجتمع في التعامل مع التقدم العلمي والتقني.
“تشكيل المستقبل: الأحياء والقيم الإنسانية” يقدم بذلك للقارئ العادي فهماً عميقاً ومتكاملاً لكيفية تأثير البيولوجيا على مختلف جوانب الحياة الإنسانية والبيئية، مما يجعله مصدرًا قيمًا للمعرفة والتفكير في مستقبل العلم وأثره على الإنسانية.