بلازما الشعر: التقنية الحديثة لعلاج تساقط الشعر وتحفيز النمو
يُعد تساقط الشعر من المشكلات الجمالية والصحية الشائعة التي تؤرق ملايين الأشخاص حول العالم، سواء من الرجال أو النساء، إذ يرتبط تساقط الشعر بعوامل متعددة تشمل الوراثة، والعوامل الهرمونية، ونمط الحياة، وسوء التغذية، وبعض الأمراض المزمنة أو النفسية. ومع تطور الأبحاث الطبية والتقنيات التجميلية، ظهرت حلول مبتكرة لعلاج تساقط الشعر بأقل تدخل جراحي ممكن، من أبرزها تقنية حقن بلازما الشعر أو ما يُعرف بـ PRP (Platelet Rich Plasma).
تستند فكرة علاج بلازما الشعر إلى استخدام مكونات دم الشخص نفسه لعلاج مشكلات فروة الرأس وتحفيز بصيلات الشعر للنمو من جديد. تقوم هذه التقنية على فصل البلازما الغنية بالصفائح الدموية من دم المريض، ثم إعادة حقنها مباشرة في المناطق المتضررة من فروة الرأس، مما يُحفّز الخلايا الجذعية ويُعزز الدورة الدموية، ويُسهم في تقوية البصيلات الضعيفة.
الأساس العلمي لبلازما الشعر
تتكون بلازما الدم من سائل أصفر شفاف يحتوي على الماء بنسبة كبيرة، بجانب البروتينات والأيونات المعدنية والإنزيمات والهرمونات ومجموعة كبيرة من عوامل النمو. عند تركيز الصفائح الدموية في هذه البلازما، تصبح غنية بالعوامل المحفزة لإصلاح الأنسجة وتجديد الخلايا. يعتمد مبدأ الحقن بالبلازما على أن الصفائح الدموية عند حقنها في فروة الرأس تُطلق عوامل النمو مثل PDGF (عامل النمو المشتق من الصفائح الدموية)، وTGF (عامل النمو المحوِّل)، وVEGF (عامل نمو الأوعية الدموية)، مما يعزز تدفق الدم إلى بصيلات الشعر الضعيفة ويزيد من سمك الشعرة ويُطيل مرحلة النمو.
مراحل حقن بلازما الشعر
تمر عملية حقن بلازما الشعر بعدة مراحل دقيقة لضمان تحقيق أفضل النتائج مع الحد الأدنى من المضاعفات:
-
سحب عينة الدم
في البداية، يُسحب من المريض كمية دم تتراوح بين 8 إلى 20 ملليلتر حسب المنطقة التي سيتم علاجها. -
فصل مكونات الدم
تُوضع عينة الدم في جهاز الطرد المركزي، الذي يعمل على فصل مكونات الدم واستخلاص البلازما الغنية بالصفائح الدموية. -
معالجة البلازما
بعد الفصل، تُخلط البلازما بمواد محفزة أحيانًا لتحفيز الصفائح الدموية على إطلاق عوامل النمو فور حقنها. -
حقن فروة الرأس
يُعاد حقن البلازما باستخدام إبر دقيقة في فروة الرأس في المناطق التي تعاني من الفراغات أو ضعف الكثافة. تستغرق الجلسة الواحدة حوالي 30 إلى 60 دقيقة، ويُنصح بتكرار الجلسات بفاصل زمني يحدده الطبيب المختص.
فوائد حقن بلازما الشعر
تكمن أهمية حقن البلازما في أنها علاج آمن وذاتي المصدر، مما يقلل من احتمالية حدوث رد فعل مناعي أو تحسس. وتُسجل عدة فوائد موثقة لهذا العلاج منها:
-
تحفيز البصيلات الخاملة للنمو مجددًا.
-
تقوية البصيلات الضعيفة وزيادة كثافة الشعر.
-
تحسين تدفق الدم إلى فروة الرأس.
-
تقليل تساقط الشعر الناتج عن التغيرات الهرمونية أو الوراثة.
-
تأخير الحاجة إلى زراعة الشعر لدى بعض الحالات.
-
سرعة التعافي بعد الجلسة إذ لا يحتاج المريض لفترة نقاهة طويلة.
الحالات المناسبة للعلاج ببلازما الشعر
يُعد حقن البلازما خيارًا مثاليًا لمن يعانون من تساقط الشعر الوراثي في مراحله الأولى أو المتوسطة، أو من لديهم شعر خفيف نتيجة عوامل نفسية أو مرضية، وكذلك للنساء اللواتي يعانين من تساقط الشعر بعد الولادة أو بسبب اختلال التوازن الهرموني. كما يُستخدم العلاج بالبلازما أحيانًا كإجراء داعم بعد عمليات زراعة الشعر لتحفيز نمو البصيلات المزروعة.
الآثار الجانبية والمخاطر المحتملة
رغم أن بلازما الشعر تُعتبر من الإجراءات الطبية الآمنة نسبيًا لكونها تعتمد على دم المريض نفسه، إلا أنه قد تظهر بعض الآثار الجانبية المؤقتة مثل:
-
احمرار أو تورم بسيط في أماكن الحقن.
-
شعور بالحكة أو الوخز.
-
كدمات سطحية تزول خلال أيام.
-
ألم طفيف يُعالج بمسكنات بسيطة.
من النادر جدًا حدوث عدوى أو مضاعفات خطيرة إذا تم الالتزام بمعايير التعقيم واستخدام أدوات طبية معتمدة.
العوامل المؤثرة في نتائج بلازما الشعر
تعتمد فعالية جلسات البلازما على عدة عوامل، منها عمر المريض، ودرجة تساقط الشعر، وكفاءة البصيلات المتبقية، ونمط الحياة العام الذي يشمل التغذية الصحية والعناية بالشعر وفروة الرأس. كما أن التزام المريض بالجلسات المقررة ضروري لتحقيق أفضل النتائج، إذ يحتاج أغلب الأشخاص إلى 3-6 جلسات بفاصل يتراوح بين شهر إلى ثلاثة أشهر حسب تقييم الطبيب.
الفرق بين البلازما والطرق الأخرى لعلاج تساقط الشعر
يتساءل الكثيرون عن الفرق بين حقن البلازما والعلاجات الدوائية أو زراعة الشعر. يمكن تلخيص الفروق في الجدول التالي:
| العلاج | الطريقة | المزايا | العيوب |
|---|---|---|---|
| بلازما الشعر (PRP) | حقن الصفائح الدموية الذاتية | آمن، ذاتي المصدر، يحفز نمو الشعر الطبيعي | يحتاج تكرار الجلسات، نتائجه متفاوتة |
| الأدوية (مينوكسيديل، فيناسترايد) | موضعية أو أقراص فموية | سهلة الاستخدام، تكاليف منخفضة نسبياً | آثار جانبية هرمونية، يحتاج التزام طويل |
| زراعة الشعر | نقل بصيلات من مناطق مانحة | حل دائم نسبياً، نتائج واضحة | مكلفة، تحتاج جراحة وتعافي |
التعليمات ما بعد حقن البلازما
لضمان أفضل النتائج وتجنب أي مضاعفات يُنصح المريض باتباع بعض الإرشادات بعد الجلسة مثل:
-
تجنب غسل الشعر أو استخدام المستحضرات الكيميائية لمدة 24 ساعة.
-
تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس أو حمامات السباحة ليومين.
-
الامتناع عن التدخين أو تناول الكحوليات إذ تؤثر سلبًا على تجدد الخلايا.
-
اتباع نظام غذائي متوازن غني بالبروتينات والفيتامينات الداعمة لصحة الشعر.
فعالية البلازما مقارنة بالتوقعات
أثبتت الدراسات أن تقنية البلازما لا تُعتبر حلًا سحريًا لكنها خيار واعد، خاصة عند دمجها مع أسلوب حياة صحي وعلاجات داعمة أخرى. تشير الأبحاث إلى تحسن واضح في كثافة الشعر وسمكه لدى نسبة كبيرة من الحالات التي التزمت بالخطة العلاجية. وتبقى النتائج متفاوتة من شخص لآخر باختلاف العوامل الوراثية والبيئية.
الخاتمة
يُعد حقن بلازما الشعر اليوم من أهم الخيارات العلاجية التجميلية لمشكلة تساقط الشعر، وقد ساهم في إعادة الأمل للعديد من الرجال والنساء الراغبين في استعادة شعرهم الطبيعي دون اللجوء لحلول جراحية معقدة أو أدوية طويلة الأمد. ومع التطور المستمر في هذا المجال، يتوقع الأطباء أن تشهد هذه التقنية تحسينات إضافية تجعلها أكثر فاعلية وأوسع انتشارًا ضمن برامج العناية بالشعر الحديثة.
المراجع
-
American Academy of Dermatology Association – Platelet-Rich Plasma (PRP) Treatment.
-
International Journal of Trichology – Platelet-rich plasma in androgenic alopecia: Myth or an effective tool.
