في عالم الأدب والكتب، يظهر كتاب “بعض ما أذكره” للكاتب غسان عبدالخالق كمحطة بارزة تتراوح بين بوح الذات وتوثيق الواقع، مسلطًا الضوء على محطات بارزة في حياته وفي تاريخ المجتمع على امتداد فترة زمنية تمتد لمدة عشرين عامًا، تمتد من عام 1967 إلى عام 1987. يقدم عبدالخالق هذا العمل بمهارة فائقة، مستعرضًا جوانب مختلفة من تجربته الشخصية والاجتماعية.
تبدأ السيرة بمقتطفات دالة من سير سابقة لشخصيات بارزة مثل “ابن حزم، إحسان عباس، هشام شرابي، إدوارد سعيد”، إلتقاطًا لأصوات تاريخية ترسم خلفية تلك الفترة الزمنية. ومع ذلك، يتجلى الابتكار في طريقة تقديم عبدالخالق للموضوع، حيث يتخذ من هذه المقتطفات بمثابة جسر يربط بين ما قبل وما بعد، مما يمنح القارئ رؤية شاملة للسياق التاريخي والثقافي الذي نشأ فيه الكاتب.
تتبع السيرة طريقًا فريدًا، حيث يعاود عبدالخالق الوراء ليقدم ما يشبه التقديم لسيرة طفولته، ويرصد اللحظات الهامة والتجارب التي ساهمت في تشكيل شخصيته ورؤيته للعالم. يتخلل الكتاب محتوى غني بالتفاصيل والصور اللغوية، مما يثري تجربة القراءة ويضيف بُعدًا إضافيًا للنص.
تأتي الصفحات الـ157 لهذا العمل الأدبي كشاهد على عمق الروح الإبداعية للكاتب، حيث يستخدم كل كلمة وكل جملة لنقل تجربته بأمانة وعمق. صدرت هذه السيرة الأدبية الرائعة في عام 2016 عن دار الأهلية للنشر والتوزيع، وقد ارتقى الكتاب بفضل إخراجه الورقي الجميل الذي يعكس بدقة جماليات النص.
يتناول الكتاب في إطاره الأدبي فئة مهمة تندرج تحت تصنيف الأدب والخيال، حيث يُعتبر جسرًا يربط بين الواقع والخيال، بين الذات والمجتمع. يُصنف هذا العمل تحت فئة السير والذكريات، وهو يمثل إضافة قيمة للمكتبة الأدبية، حيث يتيح للقارئ الغوص في عوالم متنوعة تتشعب من خيوط الذاكرة والتأمل في الحياة ومفرداتها.
باختصار، يُعتبر كتاب “بعض ما أذكره” لغسان عبدالخالق عملاً أدبياً فريداً يجمع بين الروح الفنية والتوثيق الدقيق، مقدمًا للقارئ رحلة مميزة تتجاوز حدود الزمان والمكان، لتحاكي خيوطها تفاصيل حياة الكاتب والمجتمع الذي نشأ فيه.