بداية الحرب العالمية الثانية

متى بدأت الحرب العالمية الثانية؟

تعد الحرب العالمية الثانية واحدة من أكثر الأحداث التاريخية تأثيرًا في القرن العشرين. كانت هذه الحرب صراعًا عالميًا غير مسبوق، شمل معظم الدول الكبرى في العالم، وغيّر بشكل جذري الخريطة السياسية والاقتصادية والثقافية للدول والشعوب. في هذا المقال، سنستعرض بداية هذه الحرب، الدوافع التي أدت إليها، وكيفية تصاعدها إلى حرب شاملة.

مقدمة عن الحرب العالمية الثانية

الحرب العالمية الثانية هي النزاع العسكري الذي اندلع بين عامي 1939 و1945، وشارك فيه معظم دول العالم، وتحديدًا القوى الكبرى التي كانت موجودة في تلك الحقبة. وقد تميزت هذه الحرب بتوسعها الكبير، وتعدد جبهاتها، وارتفاع عدد الضحايا، حيث قُتل فيها ملايين الأشخاص ودُمّرت مدن بأكملها.

في بداية الحرب، كانت الحرب تقتصر على أوروبا، ولكن سرعان ما توسعت لتشمل مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك المحيط الهادئ، وشمال إفريقيا، وجنوب شرق آسيا. انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار الحلفاء (الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، الاتحاد السوفيتي، وفرنسا) على قوى المحور (ألمانيا، إيطاليا، واليابان). ومع نهاية الحرب، بدأت مرحلة جديدة من التاريخ العالمي، حيث ظهرت قوتان عظمى جديدتان: الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية

هناك العديد من العوامل التي ساهمت في اندلاع الحرب العالمية الثانية. تختلف هذه الأسباب من الناحية الاقتصادية إلى السياسية والاجتماعية، ويصعب إرجاعها إلى سبب واحد فقط. ولكن، يمكن تلخيص أبرز هذه العوامل في الآتي:

1. معاهدة فرساي (1919)

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في عام 1918، تم توقيع معاهدة فرساي التي فرضت عقوبات قاسية على ألمانيا. تم إجبار ألمانيا على تحمل كامل مسؤولية الحرب، ودفع تعويضات ضخمة، وتقليص حجم جيشها، وتسليم بعض أراضيها. هذه المعاهدة كانت تعتبر بمثابة “إهانة” للشعب الألماني، مما أدى إلى حالة من الاستياء العميق في المجتمع الألماني. كانت هذه المعاهدة أحد العوامل الرئيسية التي ساعدت في صعود النازية، بقيادة أدولف هتلر، والتي سعت إلى استعادة كرامة ألمانيا وإلغاء قيود معاهدة فرساي.

2. الصعود النازي في ألمانيا

في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين، استغل هتلر الأزمة الاقتصادية الكبرى التي كانت تمر بها ألمانيا، والتي تسببت في مستويات عالية من البطالة والتضخم. أعلن هتلر، بصفته زعيم الحزب النازي، عن برنامجه القومي الذي ركز على استعادة قوة ألمانيا وتوسيع حدودها. من خلال الدعاية الفعالة، استطاع هتلر إقناع الشعب الألماني بتقديم الدعم لحزبه. في عام 1933، تولى هتلر منصب المستشار الألماني وبدأ في تنفيذ سياساته التوسعية، مما زاد التوترات في أوروبا.

3. سياسات التوسع الألماني

أثناء حكم هتلر، بدأت ألمانيا في تنفيذ سياسة التوسع العسكري والسياسي في أوروبا. ففي عام 1936، قامت ألمانيا بإعادة احتلال منطقة راينلاند، وهي خطوة اعتبرت خرقًا للمعاهدات الدولية. وفي عام 1938، ضمت ألمانيا النمسا في ما يسمى بـ “الأنشلوس”، وهو حدث زاد من قلق الدول الأوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا. لم يكتفِ هتلر بذلك، بل شرع في مطالبة تشيكوسلوفاكيا بمنطقة السوديت، وهي منطقة ذات أغلبية ألمانية.

4. السياسة الاسترضائية

مواجهة للتحديات التي كانت تثيرها سياسة هتلر، لجأت كل من بريطانيا وفرنسا إلى السياسة الاسترضائية، وهي سياسة تهدف إلى تجنب الحرب من خلال تقديم تنازلات. في عام 1938، عقدت قمة ميونيخ التي شارك فيها قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، حيث وافقوا على منح هتلر مطالبته بمنطقة السوديت دون مقاومة. كان هذا القرار بمثابة تنازل عن مصالح تشيكوسلوفاكيا، وكان يُعتقد في ذلك الوقت أنه سيساهم في تجنب الحرب. ومع ذلك، أدى ذلك فقط إلى تشجيع هتلر على توسيع طموحاته.

5. الاتفاقية السوفيتية-النازية (1939)

في أغسطس من عام 1939، عقدت ألمانيا والاتحاد السوفيتي اتفاقية عدم الاعتداء، وهي اتفاقية تاريخية بين قوتين متعارضتين، حيث اتفق الطرفان على عدم مهاجمة بعضهما البعض. هذه الاتفاقية، المعروفة باسم “اتفاق مولوتوف-ريبنتروب”، كانت خطوة مفاجئة في السياسة العالمية، وقد أتاح لألمانيا أن تهاجم بولندا دون خشية من تدخل الاتحاد السوفيتي. كانت هذه الاتفاقية حجر الزاوية الذي مهد الطريق لغزو بولندا.

تفاصيل بداية الحرب

بدأت الحرب العالمية الثانية رسميًا في 1 سبتمبر 1939، عندما شنت ألمانيا هجومًا على بولندا. هذا الهجوم كان انتهاكًا للمعاهدات الدولية التي كانت تضمن أمن بولندا. سعت ألمانيا إلى اجتياح بولندا وتوسيع الأراضي الألمانية في أوروبا الشرقية.

الهجوم على بولندا

في اليوم الأول من سبتمبر 1939، بدأت القوات الألمانية قصف المدن البولندية. استخدم الألمان أسلوب “الحرب الخاطفة” أو “Blitzkrieg”، الذي يعتمد على الهجمات السريعة والمفاجئة باستخدام الدبابات والطائرات والمدفعية. كانت القوات البولندية غير مجهزة لمواجهة هذه الهجمات المتطورة، وانهارت الدفاعات البولندية بسرعة. في غضون أسبوعين فقط، كانت القوات الألمانية قد اجتاحت معظم أراضي بولندا.

الرد البريطاني والفرنسي

في 3 سبتمبر 1939، بعد أن اجتاحت ألمانيا بولندا، أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا، معتبرتين هذا الهجوم خرقًا للسلام. ورغم أن بريطانيا وفرنسا كانت قد التزمتا بالدفاع عن بولندا، إلا أنهما لم تشاركا مباشرة في المعارك العسكرية في الأيام الأولى. وبذلك، بدأت الحرب العالمية الثانية بشكل رسمي.

الغزو السوفيتي لبولندا

في 17 سبتمبر 1939، وبعد مرور أكثر من أسبوع على الهجوم الألماني، غزا الاتحاد السوفيتي الجزء الشرقي من بولندا. كان ذلك بموجب الاتفاقية بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي. وبذلك، تم تقسيم بولندا بين الألمان والسوفييت، وهو ما أدى إلى القضاء الكامل على دولة بولندا في وقت قصير.

خاتمة الحرب العالمية الثانية

الحرب العالمية الثانية ستستمر لأكثر من ست سنوات، وستشمل جبهات متعددة في أنحاء مختلفة من العالم. وستشهد الحروب البرية والجوية والبحرية، بما في ذلك الهجوم الياباني على الولايات المتحدة في بيرل هاربر، والهجوم السوفيتي على جبهة الشرق. وفي النهاية، ستنتهي الحرب بانتصار الحلفاء، وسيتم تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، مما سيؤدي إلى بداية الحرب الباردة.