في كتاب “بالبلدي الفصيح” للكاتب عبد العزيز حمزة، نُقلتنا رحلة خيالية ممتعة إلى عالم الحياة الحجازية، حيث تتجلى في هذه المجموعة الساخرة من القصص الحكايات الواقعية التي كانت ومازالت تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياة الأسر في تلك البقعة الفريدة من العالم. الكتاب يعكس الواقع الاجتماعي والثقافي لسكان الحجاز بأسلوب ساخر وممتع، حيث يُسلط الضوء على القيم الجميلة التي قد تكون قائمة بقوة أو قد تندثر بسبب التحولات التكنولوجية السريعة التي هيمنت على العالم.
القصص تندرج ضمن إطار القضايا والمشاكل التي تعترض الحياة اليومية للأفراد، سواء كانت تلك المشكلات تتسلل إلى البيوت، أو تسكن في عقول الناس، أو حتى تتجذر في النفوس. تظهر الشخصيات بشكل واقعي وصادق، ممثلة واقعاً يومياً يتلاقى معه القارئ في كل مكان. يحافظ هؤلاء الأفراد على غرابة شخصياتهم رغم التقييم البناء والمستمر الذي يتلقونه.
تتميز أسلوب الكاتب عبد العزيز حمزة بالسرد الحواري الشيق والجذاب، حيث يتعمد استخدام بعض المصطلحات الحجازية الدارجة، التي تضفي جواً محلياً وأصيلًا على السرد. يُظهر هذا الاهتمام بالمصطلحات اللغوية الحجازية توجيها فعّالاً للقارئ نحو تعميق التراث اللغوي كجزء أساسي من التراث الحجازي، الذي يستحق الاحتفاء به واستكشاف تفاصيله الجميلة وروعة لغته.
القصص تتميز بتنقلاتها السلسة بين الأحداث، حيث يجمع بين القصير غير الممل والطويل غير الممل، مما يضفي على كل قصة طابعاً شيقاً من البداية وحتى النهاية. يُختم كل قصة بشكل محكم وحضاري، سواء كان ذلك من خلال مشهد جذاب أو حكمة تعلوها عبرة، تلخص مضمون القصة بشكل معبر وموجز.
قدم الكتاب للقارئ فرصة لاستكشاف الجوانب الاجتماعية المعقدة التي تمتزج فيها روح الماضي بحداثة الحاضر، وقدم قالباً متجدداً يمزج بين عبق حجازي ساخر وهادف. يعد هذا الكتاب عنصر جذب لكل من يرغب في الغوص في تفاصيل الماضي بعين متأملة وبأسلوب حديث.
ختاماً، يتوجب علي أن أعبر عن شكري الجزيل للكاتب الراقي عبد العزيز حمزة، الذي منحني شرف التعرف على هذا الكتاب الشيق. إنه كتاب يتميز بنكهته الخاصة، ويشكل إضافة قيمة لمكتبة القصص والروايات في عصرنا الحالي. أتمنى للكاتب دوام التألق والسداد، وأختم كلامي بدعوة لا تفوتكم لاكتشاف “بالبلدي الفصيح”، فإنها قصة كانت يا ما كانت بلغة عصرية تستحق الاطلاع عليها!