انخفاض السكر عند الأطفال: دراسة شاملة حول الأسباب، الأعراض، والتعامل

يُعد انخفاض السكر في الدم، أو ما يُعرف طبيًا بـ«نقص سكر الدم» (Hypoglycemia)، حالة طبية طارئة تستوجب الانتباه والفهم الكامل، خاصةً عند الأطفال. يعتبر السكر (الجلوكوز) المصدر الأساسي للطاقة في الجسم، وخاصةً الدماغ، الذي يعتمد بشكل كبير على الجلوكوز لتشغيل وظائفه الحيوية. انخفاض مستوى السكر في الدم عند الأطفال يؤثر بشكل مباشر على أداء الدماغ والأعضاء الحيوية، وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا لم يتم التعامل معه بسرعة وفعالية.

هذا المقال يتناول بشكل موسع وشامل مفهوم انخفاض السكر عند الأطفال، أسبابه، أعراضه، طرق التشخيص، العلاجات المتاحة، وطرق الوقاية منه، مع التركيز على الجوانب الطبية والعلمية لتقديم محتوى غني وموثوق.

تعريف انخفاض السكر عند الأطفال

انخفاض السكر عند الأطفال هو حالة تحدث عندما ينخفض مستوى الجلوكوز في الدم إلى أقل من المستوى الطبيعي الذي يحتاجه الجسم لأداء وظائفه الحيوية. عادةً، يُعتبر مستوى السكر في الدم أقل من 70 ملغم/ديسيلتر علامة على انخفاض سكر الدم، ولكن هذا المقياس قد يختلف قليلاً حسب عمر الطفل وحالته الصحية.

الجلوكوز هو المصدر الأساسي للطاقة لخلايا الجسم، وخاصةً خلايا الدماغ التي لا يمكنها تخزين الجلوكوز بنفسها وتعتمد على إمداد مستمر من الدم. لذلك، أي انخفاض حاد في مستوى السكر يؤثر بسرعة على الجهاز العصبي المركزي، مما يسبب أعراضًا متنوعة قد تصل إلى الغيبوبة أو حتى الوفاة إذا لم يُعالج.

أسباب انخفاض السكر عند الأطفال

تنقسم أسباب انخفاض السكر عند الأطفال إلى عدة فئات، حسب العمر والحالة الصحية، ونذكر منها:

1. انخفاض السكر الوليدي (Neonatal Hypoglycemia)

• يحدث هذا النوع خلال أول ساعات أو أيام الولادة.

• أسباب شائعة: الولادة المبكرة، انخفاض وزن الولادة، مرض السكري لدى الأم، اضطرابات الأيض الوراثية، أو خلل في إفراز الأنسولين.

• الأطفال حديثو الولادة معرضون بشكل خاص لخطر انخفاض السكر لأن مخازن الجلوكوز لديهم قليلة.

2. انخفاض السكر بعد الصيام لفترات طويلة

• الأطفال الرضع والأطفال الصغار معرضون لخطر انخفاض السكر عند عدم تناول الطعام لفترات طويلة، خاصة في حالات المرض أو القيء المستمر.

• عند الصيام، يبدأ الجسم باستخدام مخازن الجلوكوز وفي حالة استنفادها يدخل في حالة نقص السكر.

3. اضطرابات الأيض والغدد الصماء

• بعض الأمراض الوراثية التي تؤثر على أيض الجلوكوز أو الدهون تؤدي إلى انخفاض السكر، مثل مرض جليكوجين التخزين (Glycogen Storage Disease).

• خلل في إفراز الهرمونات المنظمة للسكر مثل الكورتيزول أو الهرمونات الدرقية.

4. فرط إفراز الأنسولين (Hyperinsulinism)

• زيادة إنتاج الأنسولين داخل البنكرياس تؤدي إلى انخفاض مستوى السكر في الدم.

• يمكن أن يكون هذا بسبب أورام البنكرياس أو اضطرابات وراثية تؤدي إلى فرط إنتاج الأنسولين.

5. تأثير بعض الأدوية أو السموم

• تناول أدوية معينة مثل الأنسولين أو أدوية مضادة للسكري عن طريق الخطأ.

• التعرض لسموم أو مواد سامة يمكن أن تؤدي إلى انخفاض حاد في مستوى السكر.

أعراض انخفاض السكر عند الأطفال

تتنوع أعراض انخفاض السكر حسب درجة الانخفاض وسرعة حدوثه، وأيضًا بحسب عمر الطفل. من المهم التعرف على هذه الأعراض مبكرًا لتجنب المضاعفات.

الأعراض العصبية والسلوكية

• اضطرابات في السلوك، مثل التهيج أو النعاس المفرط.

• ضعف التركيز أو الارتباك.

• صعوبة في الحديث أو الرؤية المزدوجة.

• نوبات تشنجية أو غيبوبة في الحالات الشديدة.

الأعراض الجسدية والعامة

• تعرق شديد.

• خفقان في القلب.

• رعشة في الأطراف.

• شحوب وازرقاق.

• تعب وضعف عام.

أعراض خاصة عند حديثي الولادة

• صعوبة في الرضاعة.

• خمول غير معتاد.

• التهيج المستمر.

• انخفاض درجة حرارة الجسم.

التشخيص الطبي لانخفاض السكر عند الأطفال

يتم التشخيص عن طريق قياس مستوى الجلوكوز في الدم، سواء باستخدام أجهزة قياس سريعة أو من خلال تحاليل مخبرية دقيقة في المستشفى.

• قياس مستوى الجلوكوز العشوائي: يُستخدم في الحالات الطارئة.

• اختبارات الصيام: تُجرى لتقييم كيفية استجابة الجسم لانخفاض مستوى السكر بعد فترة صيام.

• اختبارات وظائف البنكرياس والهرمونات: مثل قياس الأنسولين، الكورتيزول، الهرمونات الدرقية.

• فحوصات الأيض الوراثية: في الحالات المشتبه باضطرابات الأيض.

علاج انخفاض السكر عند الأطفال

يتطلب علاج انخفاض السكر التدخل السريع لتجنب المضاعفات الخطيرة التي قد تؤدي إلى تلف الدماغ أو الوفاة.

العلاج الطارئ

• إعطاء سكر سريع الامتصاص مثل محلول الجلوكوز عن طريق الفم أو الوريد.

• في الحالات الشديدة جدًا، يمكن استخدام حقن الغلوكاجون الذي يرفع مستوى السكر في الدم بسرعة.

العلاج طويل الأمد

• معالجة السبب الأساسي: ضبط إفراز الأنسولين، علاج اضطرابات الأيض، أو تعديل الأدوية.

• تنظيم مواعيد الوجبات لتجنب فترات الصيام الطويلة.

• مراقبة مستمرة لمستوى السكر خاصةً عند الأطفال المعرضين للخطر.

الوقاية من انخفاض السكر عند الأطفال

الوقاية تعتمد على فهم الأسباب والعمل على تقليل عوامل الخطر، خاصةً في الأطفال حديثي الولادة والمرضى الذين لديهم حالات طبية مزمنة.

• مراقبة الأم الحامل المصابة بالسكري والسيطرة على مستوى السكر لديها أثناء الحمل.

• تجنب الصيام الطويل عند الأطفال الصغار، خاصة في حالة المرض.

• الفحص الدوري للأطفال المهددين بخطر انخفاض السكر.

• التوعية الأسرية بأهمية تغذية الطفل السليمة والمتوازنة.

المضاعفات المحتملة لانخفاض السكر عند الأطفال

إذا لم يتم علاج انخفاض السكر بسرعة وفعالية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة تشمل:

• تلف دائم في الدماغ بسبب نقص الأكسجين.

• نوبات صرع متكررة.

• تأخر في النمو والتطور العقلي.

• في الحالات الحادة، قد يؤدي إلى غيبوبة أو وفاة.

جدول يوضح درجات خطورة انخفاض السكر وأعراضها

المراجع

1. Mayo Clinic. Hypoglycemia in children. Mayo Foundation for Medical Education and Research; 2022.

2. American Diabetes Association. Hypoglycemia (Low Blood Sugar). Diabetes Care Journal, 2023.

تعد مشكلة انخفاض السكر عند الأطفال من القضايا الصحية الحرجة التي تتطلب وعياً طبياً واسعاً، ومعرفة دقيقة بالأسباب والأعراض وطرق التعامل والعلاج. اعتمادًا على الفهم العلمي والوعي المجتمعي، يمكن التقليل من تأثير هذه الحالة وتحسين نوعية حياة الأطفال الذين يعانون منها.