اليوم الوطني العُماني 18 نوفمبر

اليوم الوطني العُماني

يُعد اليوم الوطني العُماني من أبرز المناسبات الوطنية في سلطنة عُمان، ويحتل مكانة رفيعة في الوجدان الشعبي العُماني، حيث يُجسد معاني الوحدة والنهضة والاستقلال، ويُخلّد المسيرة الطويلة التي خاضتها البلاد في سبيل بناء دولة حديثة ومتقدمة تحت راية القيادة الحكيمة. يُحتفل به سنويًا في الثامن عشر من نوفمبر، وهو تاريخ ميلاد السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – الذي قاد البلاد منذ عام 1970، فكان رمزًا للنهضة والتنمية. يمثل هذا اليوم مناسبة وطنية يُجدد فيها العمانيون ولاءهم للوطن واعتزازهم بهويتهم وتاريخهم، وتُقام فيه الاحتفالات والفعاليات التي تعبر عن هذا الفخر والانتماء.

الجذور التاريخية لليوم الوطني العُماني

إن اختيار تاريخ 18 نوفمبر لم يأتِ اعتباطيًا، بل له دلالة تاريخية وسياسية عميقة ترتبط بولادة السلطان قابوس بن سعيد عام 1940، ذلك القائد الذي أحدث تحولات جذرية في بنية الدولة العُمانية المعاصرة. فقبل عام 1970، كانت عُمان تعيش في عزلة شبه تامة، تعاني من ضعف البنية التحتية، وقلة المؤسسات الحديثة، وغياب مظاهر الدولة العصرية. ومع تسلّم السلطان قابوس الحكم، انطلقت مرحلة جديدة عُرفت بـ”عُمان الحديثة”، حيث دشّن مرحلة شاملة من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والاجتماعية والثقافية.

وقد تقرر منذ بداية النهضة المباركة أن يكون هذا التاريخ هو اليوم الوطني الذي يُخلّد سنويًا ليرتبط في ذاكرة الشعب بميلاد النهضة العُمانية الحديثة، ويصبح رمزًا لكل ما تحقق من إنجازات وتطور على مختلف الأصعدة.

مظاهر الاحتفال باليوم الوطني

تشهد سلطنة عُمان في هذا اليوم أجواءً احتفالية تتزين فيها الشوارع والميادين العامة بالأعلام العُمانية، وتُقام العروض العسكرية والاستعراضات الفنية والندوات الثقافية والاحتفالات الشعبية. كما يُطلق الفنانون أغاني وطنية تُعبّر عن حبهم لوطنهم وولائهم لقيادتهم. وتُشارك المدارس والجامعات والمراكز الثقافية في هذه المناسبة بتنظيم فعاليات تُعزز من الوعي الوطني لدى الأجيال الجديدة.

تشكل العروض العسكرية الرسمية واحدة من أبرز سمات هذا اليوم، وتشارك فيها مختلف وحدات القوات المسلحة العُمانية والحرس السلطاني والشرطة. وغالبًا ما يحضر السلطان نفسه هذه العروض، في مشهد يعبّر عن وحدة القيادة والشعب، ويعكس التنظيم والجاهزية العالية للقوات العُمانية.

الإنجازات الوطنية التي يحتفل بها العمانيون

يُعد اليوم الوطني فرصة لتأمل ما حققته سلطنة عُمان من إنجازات خلال العقود الماضية. فقد تحولت البلاد من دولة تعاني من قلة الموارد والخدمات، إلى دولة ذات بنية تحتية متطورة، ونظام تعليمي وصحي حديث، واقتصاد متنامٍ يعتمد على التنويع والاستثمار. كما تمكّنت السلطنة من بناء علاقات دبلوماسية متزنة مع معظم دول العالم، حتى غدت تُعرف بسياسة الحياد الإيجابي والحكمة في التعاطي مع القضايا الإقليمية والدولية.

من أبرز ما تحقق:

• بناء شبكة طرق حديثة تصل بين جميع محافظات السلطنة.

• إنشاء منظومة صحية متكاملة تغطي المدن والقرى.

• تطوير نظام التعليم العام والجامعي، وافتتاح جامعات ومراكز بحثية.

• استثمار في الطاقة المتجددة وتقنيات المستقبل.

• تعزيز حقوق المرأة وتمكينها في مختلف المجالات.

• تنمية السياحة كأحد ركائز الاقتصاد الوطني.

• إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة لجذب الاستثمار الأجنبي.

الأبعاد الوطنية والدستورية لليوم الوطني

يحمل اليوم الوطني أبعادًا وطنية تتجاوز الاحتفال الظاهري، فهو يعكس مدى تجذر فكرة المواطنة والانتماء في قلوب العُمانيين. وقد أسهمت السياسات الحكيمة للسلطان قابوس، ومن بعده السلطان هيثم بن طارق، في ترسيخ مفهوم الدولة الدستورية التي تقوم على سيادة القانون والمؤسسات، مما أكسب هذه المناسبة طابعًا مؤسسيًا يُعزز من وحدة الصف الداخلي.

وينص النظام الأساسي للدولة، الذي يُعد بمثابة الدستور، على مبادئ واضحة تُكرس الحقوق والحريات للمواطنين، وتؤكد على المساواة أمام القانون، وهي مبادئ تجد صداها في احتفالات اليوم الوطني التي تُذكر الجميع بأهمية الوحدة الوطنية واحترام القانون والمؤسسات.

دلالة رمزية العلم والنشيد الوطني

في هذا اليوم، يُرفع العلم العُماني عالياً على المباني الرسمية والمنازل والمؤسسات، وهو علم يحمل ألوانًا ترمز إلى التاريخ العُماني: الأبيض للسلام، الأحمر للبطولات التاريخية، والأخضر للزراعة والخير. كما يُعزف النشيد الوطني “يا ربنا احفظ لنا جلالة السلطان”، في المدارس والمؤسسات والاحتفالات، ليجدد العُمانيون عهدهم بالولاء للوطن والقيادة.

جدول يوضح التحولات الرئيسية بين عامي 1970 و2025

دور القيادة العُمانية في ترسيخ رمزية اليوم الوطني

يشكل الدور الذي لعبه السلطان قابوس في بناء الدولة العصرية، ومن بعده السلطان هيثم بن طارق في استكمال مسيرة النهضة، العنصر المحوري الذي يضفي على اليوم الوطني بُعدًا رمزيًا وسياسيًا عميقًا. فقد سار السلطان هيثم منذ توليه الحكم في يناير 2020 على نهج سلفه، مع العمل على تطوير المؤسسات ومواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية، وتعزيز برامج التنويع الاقتصادي.

وقد جاءت “رؤية عُمان 2040” التي أُطلقت رسميًا لتعكس هذا الطموح الوطني، حيث تهدف إلى نقل البلاد إلى مرحلة أكثر تقدمًا، عبر إصلاحات اقتصادية وإدارية عميقة تشمل تعزيز الاستثمار الأجنبي، وتحفيز الابتكار، وتوسيع دور القطاع الخاص.

الخصوصية الثقافية والاجتماعية للاحتفال

على الرغم من الطابع الرسمي والوطني لليوم الوطني، إلا أن له أيضًا طابعًا ثقافيًا وشعبيًا يظهر في الأزياء التقليدية، والأهازيج، والفنون العُمانية التي تُقدم في الاحتفالات. كما تُنظم المعارض التي تُبرز الحرف اليدوية والتراث المعماري والأدبي للسلطنة، ويُشارك فيها المواطنون من مختلف المحافظات، مما يضفي على المناسبة طابعًا وحدويًا يعكس تنوع النسيج الاجتماعي العُماني.

وتُقدم في بعض المناطق أطباق تقليدية عُمانية في ساحات عامة، وتُقام سباقات الهجن والخيل، والأنشطة الرياضية المتنوعة التي تعبّر عن الموروث البدوي والبحري للعُمانيين.

مكانة اليوم الوطني في الإعلام والتعليم

تحرص المؤسسات التعليمية على تخصيص برامج خاصة تتناول سيرة السلطان قابوس، ومسيرة النهضة، وأهمية اليوم الوطني في تشكيل الهوية الوطنية. كما تخصص وسائل الإعلام العُمانية – الرسمية والخاصة – تغطيات واسعة تنقل مظاهر الاحتفال، وتُسلط الضوء على قصص نجاح وطنية، وتسرد تاريخ البلاد بطريقة توعوية وتثقيفية تعزز الفهم العميق للمناسبة.

الخلاصة

يمثل اليوم الوطني العُماني أكثر من مجرد احتفال سنوي، بل هو مناسبة تُجدد فيها الدولة العُمانية عهود النهضة والولاء، وتُبرز فيها إنجازاتها وتُخطط لمستقبلها. هو يوم يجمع بين الفخر بالتاريخ، والاعتزاز بالهوية، والتطلع إلى مستقبل أفضل، تحت مظلة قيادة حكيمة ترى في الإنسان العُماني المحور الأساسي لكل تنمية وتقدم.

يبقى الثامن عشر من نوفمبر، بكل ما يحمله من رمزية وتاريخ، نقطة إشعاع وطني تنير مسيرة الأجيال، وتُغرس في النفوس معاني الانتماء والتلاحم، ليظل الوطن عزيزًا شامخًا، حاضرًا بقوة في قلوب أبنائه.

المراجع:

1. وزارة الإعلام العُمانية، تقارير النهضة.

2. النظام الأساسي للدولة، سلطنة عُمان، 2021.